الانسجام الإسلامي
|
ثقافة التقريب - العدد 2
محمّد علي آذرشب
1428
• القوى المتجبرة أرادت أن تنتقم من الصحوة الإسلامية فأثارت زوبعة من الاختلافات الطائفية • العاصفة مرشحة دائماً للهبوب لأن أصحاب الأمراض النفسية موجودون في كل زمان ومكان • تحقيق القدر الممكن من الانسجام الإسلامي ضرورة حياتية • عدم الانسجام سبّب مأساتنا في فلسطين • الدعوة إلى الانسجام الإسلامي تستهدف الحفاظ على بقايا العزة والكرامة ولإبعاد بلداننا عن العبث الاستكباري . في حديث العبد الصالح الإمام الخامنئي بمناسبة بداية العام الهجري الشمسي دعا أن يكون العام الجديد عام "وحدة وطنية وانسجام إسلامي" تحدثنا عن الوحدة الوطنية من المنظور الإسلامي في العدد السابق ونقف عند الدعوة إلى "الانسجام الإسلامي". واضح أن الانسجام يعني التلاحم والتنسيق.. وواضح أيضاً أنّ هذه الدعوة موجّهه إلى تنسيق إسلامي عام بين الأمّة الإسلامية. فماذا وراء هذه الدعوة إلى التنسيق؟ الجواب يظهر جلياً عند إلقاء نظرة على الحالة الإسلامية في الأشهر الأخيرة. لأسباب معروفة أرادت القوى المتجبّرة أن تنتقم من الصحوة الإسلامية عامة ومن الجمهورية الإسلامية بشكل خاص. فأثارت زوبعة من الاختلافات الطائفية اشترك فيها سياسيون وعلماء ومثقفون وكتّاب وإعلاميون عن علم بما يُدَبّر لهم أو عن عدم علم. المهمّ أراد طواغيت العالم أن يثبتوا لمن يأبى الرضوخ لتجبّرهم بأنهم يمتلكون أكثر من وسيلة للانقضاض على الصحوة الإسلامية وتفتيتها واحتوائها. من المؤكّد أن الآثار السلبية لهذه الزوبعة، لو استمرت، سوف لا تقتصر على إيران، بل إنها ستضرّ بكلّ العالم الإسلامي، دون استثناء أي بلد من بلدانه، وسوف تؤدّي إلى تزلزل سياسي وتفكك اجتماعي في المنظومة الإسلاميّة بأجمعها. كما أنها لا تؤدّي أبداً إلى انتصار مذهب على مذهب، بل إلى مواجهات مذهبية طاحنة يحترق فيها الجميع. طبعاً، إن أغلبية ساسة العالم الإسلامي وعلمائه وكتابه والمخلصين فيه لا يودّون أن تتوسع دائرة هذا الخلاف، بل إن بعضهم بذل جهوداً واضحة ومشكورة لاحتوائه. ولكنّ العاصفة مرشّحة دائماً للهبوب، فالجاهلون كُثر، والمتعصبون غير قليلين، وأصحاب الأمراض النفسية موجودون في كل زمان ومكان. إضافة إلى أن الاختراقات لا يستطيع أن ينكرها أحد، ولا يمكن أن تكون كلّ عمليات الاستفزاز التي تُثار هنا وهناك نزيهة من ارتباطات أجنبية. فماذا يتوجّب على المخلصين؟ الانسجام.. الانسجام على صعيد قادة العالم الإسلامي.. والانسجام على صعيد العلماء.. وعلى صعيد أصحاب الكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية.. لا يمكن تحقيق هذا الانسجام طبعاً بالشكل المثالي المطلوب، بسبب الثغرات المتمثلة بالضغوط الأجنبية. ولكنّ تحقيق القدر الممكن منه ضرورة حياتية تصبّ في مصلحة الجميع. وهنا نذكّر فقط بأن النار التي ألهبت المنطقة في الثمانيات أُضرمت تحت شعارات طائفية قومية، إذ أُعلنت حربٌ على "الفرس المجوس"!!! ولو كان بين العالم الإسلامي الحدّ الأدنى من الانسجام لما وقعت تلك الحرب، ولما كان لها ما كان من التبعات التي لا تزال المنطقة تعاني منها بضراوة. عدم الانسجام سبّب من قبل مأساتنا في فلسطين وسبّب كل الكوارث التي شهدتها منطقتنا الإسلامية خلال القرن الماضي وقبله. وبمناسبة ذكر فلسطين فإن بقاء هذه الأرض المقدسة تحت وطأة الاحتلال مرشّح في كل آن أن يثير زوبعة من التفرقة والصراع والاختلاف بين أجزاء منظومتنا الإسلامية. تحت أسماء المعاهدات والخرائط والمحادثات والتسويات تثور بين حين وآخر موجة من الصخب تنتهي بإعلان "إسرائيل" عن تعنّتها وبتراجع الجبهة المقابلة وتقديمها مزيداً من التنازلات.. لا يمكن أن يتحوّل "الظلم" إلى "حقّ" حتى ولو أجمع العالم على ذلك.. لأنها قيمة إنسانية ثابتة في فطرة الإنسان، وكلّ محاولة على هذا الطريق ستؤدّي حتما إلى مزيد من الكوارث والويلات والانقسامات. المطالبة بالحقّ.. حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحقّ الأمة الإسلامية في العزّة والكرامة، وحقّها في التخلص من التدخل والعدوان وانتهاك المقدسات بحاجة إلى "انسجام". ودعوة العبد الصالح هي لصالح كل فصائل هذه الأمة من قادة وشعوب، لصالح الحفاظ على بقايا العزة والكرامة، ولصالح إبعاد بلداننا عن العبث الاستكباري الذي شاهدنا صوراً منه في العراق وفي أفغانستان، ونشاهد يومياً صوراً منه في الدعم المتواصل للكيان الصهيوني.
|
مقالات أخرى من هذا الموضوع |
• المرأة المسلمة والتحديات العالمية من خلال بعض الاتفاقيات الدولية
(بازدید: 2732)
(نویسنده: محمد علي التسخيري)
• المرأة في المشروع الإسلامي المعاصر
(بازدید: 2651)
(نویسنده: زكي الميلاد)
• توصيات مؤتمر المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة
(بازدید: 4194)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• جلال الدين الرومي وآثاره العربيّة
(بازدید: 6849)
(نویسنده: فرح ناز رفعت جو)
• في أجواء نداء الحج لعام 1428هـ
(بازدید: 2882)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• قيمة الجمال في تداولها الإسلامي
(بازدید: 3253)
(نویسنده: عبد المجيد الصغير)
• منهج البيروني في دراسة الأديان
(بازدید: 4255)
(نویسنده: علي بن مبارك)
• ميتا - استراتيجيا المقاومة التبصُّر الخُلُقي نموذجًا
(بازدید: 2147)
(نویسنده: محمود حيدر)
• أزمة التخلف الحضاري و انعكاساتها على وضع المرأة المسلمة في عصرنا الراهن
(بازدید: 4151)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• أزمة الحوار الإسلامي
(بازدید: 1352)
(نویسنده: زكي الميلاد)
• أزمة الحوار السني - الشيعي
(بازدید: 4058)
(نویسنده: زكي الميلاد)
• إشكالية المرجعية في تقرير التنمية الإنسانية
(بازدید: 1214)
(نویسنده: خالد سليمان)
• آفتان في المتعصبين
(بازدید: 2170)
(نویسنده: الشيخ محمّد الغزالي)
• إنما المؤمنون إخوة
(بازدید: 1819)
(نویسنده: محمد حلمي عيسى باشا)
• أيها المسلمون.. ثقوا بأنفسكم دعوة لا تزال حيّة
(بازدید: 1639)
(نویسنده: عبدالمجيد سليم)
• الإرهاب الصهيوني فكرًا وممارسة
(بازدید: 1023)
(نویسنده: أسعد السحمراني)
• الإمام علي بن أبي طالب والتقريب بين المذاهب
(بازدید: 1061)
(نویسنده: الدکتور عبدالمتعال الصعيدي)
• التحديات الراهنة كيف نواجهها
(بازدید: 843)
(نویسنده: الشيخ محمود محمدي عراقي)
• التشريع وكرامة الإنسان
(بازدید: 888)
(نویسنده: سيد موسى الصدر)
• التقريب.. منهج تربوي
(بازدید: 1283)
(نویسنده: السيد محمد حسين فضل اللّه)
|