الثقافة
• غياب مسيرتنا الحضارية أدى إلى غياب مفهوم الثقافة • الثقافة تؤدي إلى إنتاج حضاري حينما تكون فاعلة • الثقافة التي تؤمن بالجانبين المادي والروحي للإنسان تنتج حضارة إنسانية • سؤال الإحيائيين هو: كيف نعيد الحياة لعناصر الإنتاج الحضاري في ثقافتنا.
مع كثرة استعمال هذه الكلمة في حياتنا، فإنّ معناها تَلفّهُ الضبابيّة، وتختلف فيه الآراء أيّما اختلاف . وهكذا الأمر في المثقف والتثقيف وواجبات وزارة الثقافة في بلداننا.
هناك ظاهرة في مهرجاناتنا الثقافية، لا ندري هل هي عفويّة أم مقصودة، توحي بأن الثقافة رقص وغناء وفلكلور وصناعات يدوية و.. أمثالها مما يفصح عن عدم وجود معنى واضح للثقافة.
ولعلّ غياب مسيرتنا الحضاريّة هو الذي أدّى إلى غموض مفهوم الثقافة عندنا. لأن الثقافة هي الطريق الذي يؤدّي إلى قيام حضارة، فمقصد الثقافة هو إقامة الصرح الحضاري. وفي ظلّ غياب المقصد، يبقى الطريق يلفّه الضباب والظلام.
الثقافة: مجموع ما عندنا من أفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد وما يسود مجتمعنا من علاقات اجتماعية وسلوك فردي وجمعي.
وهل كل المجتمعات تمتلك ثقافة؟
الجواب نعم، لأنها جزء من طبيعة الكائن البشري والجماعة الإنسانية.
وهل بأجمعها تتجه بثقافتها نحو إقامة حضارة؟
الجواب كلاّ، لأن ثمة ثقافة راكدة يعيش الناس في إطارها حياة راكدة يسودها التقليد والتكرار، ولا تدفع بالجماعة نحو التطوير والتقدّم والإبداع.
الثقافة تدفع إلى إنتاج حضاري حين تنطوي على عناصر تفعيل الطاقات الإنسانية الخلاّقة.. عندئذ تطوي الجماعة البشرية مسيرتها الحضارية.
الثقافات المتحركة تختلف في نوع عطائها وحجمه باختلاف تصورها للكون والحياة. فمن الثقافات ما يُقصى فيها الجانب الروحي من الإنسان، فتنتج حضارة تقوم على "العبث" و"البطش" والى ذلك يشير القرآن الكريم في حديثه عن بعض الأمم الغابرة حيث يقول:
? أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ، وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ?
والثقافة المتحركة التي تأخذ بنظر الاعتبار الجانبين الروحي والمادّي من الإنسان، تنتج الحضارة الإنسانية التي تحقق الحياة الطيبة وتهدي السفينة إلى ساحل الأمان ودار السلام.
وإذا عدنا إلى مجتمعاتنا الإسلامية الراهنة فإننا لا نشك في حالتها المتخلفة عن ركب الحضارة العالميّة بصورة عامّة.
وهنا تُطرح أسئلة هامة:
ـ إذا كان التخلف يرتبط بالثقافة فما هي المشكلة الثقافية في العالم الإسلامي؟
ــ إذا كان السبب هو غياب عناصر التفعيل في هذه الثقافة فهل هذا يعود إلى نقص في الثقافة الإسلامية أم إلى غياب الثقافة الإسلامية الحقيقية؟
ـ والسؤال الأهم ما هي عناصر التفعيل والإنتاج الحضاري في الثقافات؟
ــ هل تتوفر هذه العناصر في الثقافة الإسلامية؟
ـ ويبقى السؤال الأكبر وهو: كيف يمكن أن نعيد الحياة لعناصر الإنتاج الحضاري في ثقافتنا؟
هذا هو السؤال الذي يلحّ على كل الإحيائيين في عالمنا الإسلامي في الماضي والحاضر.
وهو الذي يجب أن يفكّر فيه كلّ من يحمل همّ الإسلام.