banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

مؤتمر تيسير علم النحو

ملتقيات
محمّد علي آذرشب


دمشق – 27-31/10/2002م
لا يخفى أن العامل النفسي هو أساس كل رغبة واندفاع نحو أي عمل بشري، خاصة إذا كان ذلك العمل يتجه بالإنسان نحو الكمال مثل طلب العلم، عندئذ تزداد الحاجة إلى إعداد الإنسان نفسيا لهذا التوجه، هذه مسألة ترتبط بكل العلوم، وهذا العامل كان وراء كل ما انتجته البشرية من إبداع ومعرفة وتطور في جميع المجالات.
والمقصود بالإعداد النفسي إيجاد محفزات ذاتية في نفس الطالب، تجعله يقبل على عمله التعليمي والعلمي بنهم وشوق ويشعر بلذة فيه، ويندفع إلى التفكير والاستنتاج وإبداء الرأي ثم الإبداع والإضافة.
والذي يدفعني ألى سرد هذه الحقيقة البديهية الواضحة هو أن النظام التعليمي السائد في عالمنا الإسلامي ليس فيه مجال غالبا للدوافع الذاتية أن تكون محفزا على تعلم المادة العلمية، بل تتلخص هذه الحوافز في اجتياز الامتحان والحصول على الشهادة. وهي حوافز ضعيفة لا تمس الكفاءات الكامنة إلا مسا خفيفا. وهذه حالة تختلف عما كانت عليه المدارس العلمية القديمة في بلاد المسلمين، وما هو عليه النظام التعليمي في البلدان المتطورة حاليا.
العناصر النفسية في مادة النحو:
وفيما يرتبط بالنحو ثمة مسائل نفسية تعيق الطالب عن الإقبال عليه بشوق تعود إلى (مادة) نفسها وإلى (منهج) تدريسها وإلى (المدرس).
بالنسبة للمادة لابد أن يسود الطالب شعور بأنها (مفيدة) وبأنها ترتبط بشعور (العزة).
موضوع الفائدة:
يمكن فهمه عند فهم ارتباط اللغة بالحياة المادية والمعنوية، علم النحو لا يشكل اليوم في ذهن الطالب ضرورة لحياته المادية مثل بقية العلوم، كما لا يرى فيه نقصا لشخصيته المعنوية في المجتمع إذا كان يجهل النحو.
ويمكن معالجة هذه المسألة في ذهن الطالب يجهل النحو.
ويمكن معالجة هذه المسألة في ذهن الطالب بما يلي:
1ـ تربية ذوق الطالب على العربية الفصحى قراءة وكتابة وحديثا، وهذه مرحلة يجب أن تسبق – في اعتقادي – تدريس النحو.
لابد أن يقرأ الطالب نصوصا كثيرة باللغة الفصحى، ويحفظ نصوصا كثيرة، ويسعى أن يتكلم مع زملائه بالفصحى، حتى يشعر أن اللغة الفصحى – لا العامية – هي لغته الأصلية، ولابدّ من أن تكون المقروءات والمحفوظات منتقاة انتقاء ذكياً مدروساً لتتناسب مع سنّ الطالب وذوق العصر، ولتكون قادرة على النفوذ في وجدان الطالب لتربّي ذوقه وتطبع فكره وذوقه ولسانه على هذه اللغة إذا فعلنا ذلك فإن النحو سيكون تقويماً للغة التي أحبها الطالب ونشأ عليها، لا أن تكون شيئاً غريباً عنه لا يحسّ بفائدته.
ونحن – في إيران – لاحظنا أن الاطفال الذين يتربون على قراءة القرآن وحفظه أكثر إقبالاً على تعلم النحو، لأنهم يجدون فيه تقويماً لما عندهم، وإثراء لما حصلوا عليه وتذوقوه. ومن الطبيعي أن يكون الطالب في العالم العربي أكثر اندفاعاً لتعلم النحو، وأكثر إحساساً بفائدته حين يقرأ القصص والروايات والشعر والنصوص الدينية والأدبية الجميلة الجذابة، ويحفظ طرفاً صالحاً منها.
في هذا الصدد اقترح الاهتمام كل الاهتمام بمادة القراءة العربية قبل النحو وأ، تتضمن هذه المادة كل ما يملأ وجود الطالب ذوقاً وعشقاً للغة العربية، مع ملاحظات نحوية صرفية بسيطة ترتبط بالنصوص.
2- إفهام الطالب دور اللغة في تفعيل التفكير وتطوير الحياة، وتبادل الأفكار والآراء، وإيقافه على أهمية الكلام الصحيح في مجالات الإعلام والتأليف والترجمة والإبداع الأدبي – ودور النحو في تقويم اللغة وصحتها. لتكون فائدة النحو ملموسة مادياً ومعنوياً لدى الطالب. ولنا نحن في إيران تجربة في هذا المجال، فقد حاولنا أن تكون ثمة علاقة بين أقسام اللغة العربية والمؤسسات المعنية بهذه اللغة مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء، والصحافة والمجلات العربية ودور النشر والترجمة ومراكز الأبحاث والتحقيق ونظئرها كي يكون الطالب على بينة من فائدة ما يتعلمه في ساحة العمل الاجتماعي والثقافي. ولا شك أن هذه الساحة في العالم العربي أوسع بكثير من إيران، بيد أن انفتاح الطالب على هذه الساحة يحتاج إلى برنامج عملي ليس بالعسير على المربين في وزارة التربية والتعليم.
موضوع العزّة
خلق الإنسان مندفعاً فطرياً لتحقيق شخصيته ولكسب اعتراف الآخرين به، وبعبارة أخرى مندفعاً نحو العزة وهي مسألة تؤكدها النصوص الدينية إضافة إلى ما ذهب إليه المفكرون قديماً وحديثاً. ويمكننا تفسير كل تقدم نالته البشرية بل يمكن تفسير كل أحداث التاريخ وفق نظرية العزة أو التيموس كما يسميه أفلاطون.
وكل شيء يحقق عزة الإنسان فهو محبّب إليه مجذوب نحوه، مسارع لطلبه. ويوم كان إنسان هذه المجموعة الحضارية يشعر بعزته وكرامته ومكانته على الساحة العالمية، كان يحب ويهوى كل مكونات هذه الحضارة بما في ذلك اللغة. وما هذا الانشغال الهائل باللغة مفرداتها ونحوها وصرفها وبلاغتها إلا لهذا الشعور بالعزّة فثمة ارتباط جدلي بين اللغة وأهل اللغة على قاعدة العزة.
ولم تصب عزة إنسان هذه المجموعة الحضارية بنكسة كما أصيبت به بعد عصر الاستعمار الحديث . لقد كانت هذه العزة باقية حتى بعد عزو المغول، إذ بهذه العزّة وبهذا الإحساس بالشخصية تحوّل المغول إلى جزء من أبناء هذه الأمة، بل من أعظم قادتها، وبهذا الإحساس استمر العمل العلمي خاصة في مجال علوم اللغة حتى في عصر ما يسمى بالانحطاط، غير أن الانحطاط الحقيقي نزل بنا حين حدثت التجزئة والتفرقة والهيمنة وصراع المصالح والهزيمة النفسية، وازدادت النكسة بعد إقامة دولة الصهاينة، وازدادت أكثر بعد انفراد دولة رعاة البقر بإدارة شؤون العالم بالبطش والقهر والقوة..
وصاحب هذه النكسات المتوالية نشاط ثقافي وإعلامي مكثف مدروس لتكريس روح الهزيمة في العالم الإسلامي. وكل ذلك انعكس بوضوح على رؤية إنسان هذه المجموعة الحضارية إلى تراثه وعاداته وتقاليده ولغته.
عدم اندفاع الطالب إلى اللغة العربية وعلومها يعود في اعتقادي أول ما يعود إلى هذه الهزيمة النفسية التي جعلتنا لا نستشعر بالعزّة في كنف هويتنا الحضارية. ومخا هذه الدعوة إلى اللغة العامية، وما هذه الأصوات الداعية إلى ترك النحو والابتعاد عن كل ما يمت إلى القديم بصلة بحجة الحداثة إلا ردود فعل الشعور المرّ بالهزيمة عن وعي أو دون وعي.
إن تطور وسائل الارتباط عبر الفضائيات وشبكات الاتصالات العالمية كثف موجة الحرب النفسية بأساليب فنية مختلفة لتذويب كل إحساس بالانتماء الحضاري، تحت شعار القرية الكبيرة تارة، وتحت شعار العولمة تارة أخرى.
ليست محاولات تيسير النحو بقليلة في عالمنا الإسلامي، لكنها لم تنجح أن تجتذب إليها الدارسين. لأن المشكلة في مكان آخر، وإذا انحلت هذه المشكلة تصبح حتى كتب سيبويه ونفطويه وأبي علي الفارسي والكسائي وابن جني موضع عناية فئة واسعة من المهتمين باللغة العربية والنحو العربي..
موضوع ارتباط النحو واللغة العربية عامة باستشعار العزة الحضارية جربناه نحن في إيران، فلقد كانت اللغة العربية مهملة كل الإهمال في مدارس إيران على عهد الشاه حيث الاتجاه كان نحو فصل إيران عن دائرة الحضارة الإسلامية، وما إن انتصرت الثورة الإسلامية حتى أقبل الآلاف من المتعلمين على صفوف اللغة العربية في المدارس والمساجد دون أن يدعوهم أحد لذلك ودون أن يشجعهم أحد على ذلك، ولم يكن وراء هذا الإقبال سوى إحساس بالعزة في إطار عودة حضارية، ولانزال خلال العقدين الأخيرين نشهد إقبال الطلاب على تعلم اللغة العربية يرتفع وينخفض بمقدار ما تحققه الجمهورية الإسلامية من نجاح في تطبيق مبادئها الحضارية في الداخل والخارج.
لا أريد أن أقحم مسائل النحو في السياسة بل أريد أن أقول إن الإحساس بالعزة والهوية الحضارية يثير في الإنسان اندفاعاً نحو الحركة في اتجاه كل ما يثري تلك الحضارة. من هنا فإن المؤسسات المهتمة بجانب من جوانب هذه الحضارة مثل مجامع اللغة العربية لابد أن تدرس المسائل المرتبطة باللغة على نحو شمولي كي تعالج المشكلة بشكل صحيح، وأحسب أن درج الأسس النفسية في موضوع تيسير علم النحو من قبل القائمين على أمر هذا المؤتمر الموقر كان يستهدف هذه المعالجة.
جدير بالذكر أن بعض المعالجات الأخيرة لتيسير النحو كانت مدفوعة بروح الهزيمة التي ذكرت، ولذلك لم تجد نفعاً ولم تقدّم شيئاً. من تلك، الموجة التي ظهرت لمعالجة النحو على ضوء اللسانيات الحديثة. في هذه الموجة نرى الانفعال ظاهراً تجاه النحو العربي الموروث، وفي اعتقادي أن وراءه إحساس بالهزيمة أمام ما قدمه الغرب في هذا المجال.
فمنهم من قال: إن فائدة كتب اللغة العربية التقليدية محدودة الآن، لأن آٍراء الفلاسفة وعلماء الكلام والمنطق تشوبها. ولأنه مضى على وضعها زمن طويل أحل فيها السقم والعقم، فتقدّم العلوم عامة، والعلوم الألسنية خاصة أتاح للباحثين فرصة اتباع طرق علمية جديدة .
وقال آخر: إن نحو اللغة العربية يرجع اليوم إلى ما ينف على اثنى عشر قرناً ولم يكن يعرف تغيّراً جوهرياً منذ نشأت .
وذهب آخر إلى أكثر من ذلك حين قال: إن النحو العربي القديم لا حاجة به الآن، فهو لم ينسجم مع تطور الدرس اللساني، فيلزم أن نقترح تطوراً جديداً للظاهرة اللغوية، أو نحواً بديلاً لنسق قواعد القدماء، لأنه لا ضرورة نهجية ولا منطقية تفرض الرجوع إلى فكر الماضي وتصنيفاته ومفاهيمه لمعالجة مادة ميعنة. قال: وهناك ما يدل على أن اللغة التي وصفها سيبويه ليست هي اللغة الموجودة حالياً باعتبار كثير من خصائصها التركيبية واصلرفية والصوتية. ومعلوم علاوة على هذا وذاك، أن العربية كسائر اللغات تطورت وتغيرت بمر القرون .
لا أنكر على هؤلاء قولهم بضرورة تطوير المناهج، فهذا التطوير كان قائماً منذ سيبويه حتى يومنا هذا، ولابد أن يستمر لتقديم المادة النحوية بأحدث الأساليب ووفق ذوق الصعر، لكن ذلك ينبغي أن يكون بدافع التطوير الحضاري المنبثق من روح الحضارة نفسها، لا أن يكون بدافع الانفعال أمام ما تقدمه الحضارة الأجنبية الغالبة، لأن ذلك سوف لا يقدّم ولا يؤخّر شيئاً إن لم يعمل على مزيد من تكريس روح الهزيمة.
وأمام هذه الضرورة.. ضرورة تقوية روح الاعتزاز بالتراث واللغة والنحو أقترح ما يلي:
تظافر الجهود في الإعلام العربي المتلزم وفي مناهج التدريس وفي مراكز النشر المتلزمة لإماطة اللثام عن الصور المشرقة في مجموعتنا الحضارية في الماضي والحاضر مع التأكيد على أن تقديم هذه الصور المشرقة لا يعني التغني بالماضي، بل يعني قدرتنا على صنع المستقبل.
اسمحوا لي أن أقول هنا إن بعض ما تقدمه وسائل الإعلام العربية وبعض دور النشر العربية بل وبعض المناهج الدراسية العربية لا يخدم روح العزة في إنسان مجموعتنا الحضارية بل يعمق الإحساس بالتجزئة والتخلف والصراعات الإقليمية والطائفية ويكرّس روح الهزيمة في أبناء أمتنا.
لا يجوز للمراكز العلمية المسؤولية الملتزمة أن تكتفي بمخاطبة نخبة من الباحثين بل لابد أن تنزل إلى الشارع لتخلق ثقافة أصيلة فيها الحركة نحو العزة والهوية واستعادة الدور التاريخي لهذه الأمة، لأ، المقصود من تيسير النحو هو نشر ثقافة نحوية عامة هدفها تقويم اللسان العربي في المجتمع ولابد أن يسبقها ثقافة الإحساس بالعزة.
ويلزم هنا التأكيد على أن العالم الإسلامي عامة والعالم العربي بشكل خاص يمتلك في ماضيه وفي حاضره مقومات هائلة لترسيخ روح العزة في أبناء الأمة.. ونحن في إيران – على سبيل المثال – بدأنا بمشروع (تراثنا للجميع) نقدم فيه الشخصيات العلمية والفكرية، ونقدم فيه أهم الكتب التراثية في مختلف العلوم مع التأكيد على ما فيها من إبداع وابتكار، بلغة مبسطة مفهومة لطلبة الثانويات، بأقلام المتخصصين في تلك الشخصيات والمحققين لتلك الكتب من أجل تحقيق الهدف المذكور.
كما بدأنا بمشروع آخر يشجع طلبة الماجستير والدكتوراه على تناول عناصر القوة ومظاهر القوة في الأمة الإسلامية بالدراسة والتحليل، مثل حركات التحرر، وتاريخ مقاومة الشعب الفلسطيني، والانتفاضة وجنوب لبنان، وشخصيات النهضة المعاصرة، كل ذلك من أجل إلقاء الضوء على جوانب (الحياة) في الأمة وقدرتها على مقاومة التحديات.
ومثل هذه التوجهات موجودة في العالم العربي بأشكال وصور مختلفة وحبذا لو تتظافر الجهود على مستوى منظمة المؤتمر الإسلامي لدعم هذه التوجهات وإثرائها وتبادل التجارب بشأنها فهي مسألة ضرورة نفسية لا مناص منها لا للإقبال على النحو فحسب، بل لحفظ هويتنا وأصالتنا في عالم اليوم.
العناصر النفسية في منهج التدريس
منهج التدريس في النحو لابدّ أن يأخذ بنظر الاعتبار في الاطار النفسي السمات الجمالية والغائية والشمولية.
الإنسان مفطور على حبّ الجمال، وكلّما كان الإطار الذي يُقدَّم فيه النحو أقرب إلى الجمال كان النحو محبباً أكثر. والجمال فيه العناصر الثابتة المرتبطة بالفطرة، والعناصر المتغيرة المرتبطة بالزمن.
ولابد من مراعاة الجانبيين، ولقد كان الأقدمون على غاية من الاهتمام بالإطار الجمالي في تقديم النحو خاصة للمبتدئ والشادي، اهتموا فيه بالجانب الجمالي من العرض وفق ما يتناسب وعصرهم. وقديما في تراثنا دعا الأدباء إلى الاهتمام بالعنصر الجمالي في تقديم ما يراد تقديمه، وذهبوا إلى ان طبيعة الإنسان هي تغليب العين على القلب أو العقل، وان الإنسان قد يميل إلى ما تسره نفسه حتى ولو كان دون ذلك مهلكة بل حتى إذا انطوى على سم ناقع. وهذه مسألة تربوية هامة تدعو المربين إلى الاهتمام بالجانب الظاهري من العرض بما لا يقل عن الاهتمام بالمحتوى العقلي والعلمي. يقول سهل بن هارون الإيراني المحتد والعربي المنشأ والثقافة واللغة: والناس لعيونهم أشد تصديقا منهم لقلوبهم، ولو رفع لأپصارهم بعض ما تسره نفوسهم ثم دعا إليه داع، ودونه مهالك جمة، لكان من يتورط تلك المهالك – وهو الجميل، والشارة الظاهرة، والرياض الزاهرة، فلا عجب لمن رأى ظاهر ذلك، وجهل باطنه، فوصل أسباب الطمع إليه، ولكن العجب لمن فهم الباط، فعلم أن تزوده منه سم ناقع فأكذب علمه وصدق عينه.
والتأكيد على العين لا يعني الاستهانة بعقل الإنسان، بل يعني انبهار الإنسان بشكل طبيعي بالجمال، وهو انهبار يكمن وراءه كل إبداع جمالي في ساحة التاريخ البشري.
وتدريس النحو يجب ان لا يهمل هذه الحقيقة في عرض المادة. لابد أن يسهم أهل الذوق والفن الرفيع في تقديم المادة النحوية سواء عن طريق المقروء أو المسموع أو المرئي. لابد أن يكون أصحاب الذوق الرفيع وراء إخراج كتاب النحو وتنظيم مواده وتسلسل فصوله، وهكذا وراء المادة النحوية المقدمة بالسبل الأخرى المسموعة والمرئية.
والغائة مسألة هامة في تقديم كل تراثنا، ومنه النحو، وغياب الغائية أدى إلى دخول دراستنا العربية بل والتشريعية في مسالك نظرية ليس لها على أٍرض الواقع مصداق، بل تحلق في عالم الخيال، وجعل الاتجاه العام لهذه الدراسات لا يتجه نحو مقصد معين، من هنا كثرت المعالجات لأمور هي أقرب إلى الخيال، وكثر التمثيل بجمل لا ينطق بها الجن فضلا عن الإنس.
كل ذلك لغياب المقاصد والغايات في دراساتنا، بل انحراف المقاصد نحو نوع من الاستعلاء والتبجح والتفاخر العلمي بدل أن يكون المقصد هو الناس بكل ما يحتاجونه في حياتهم من علاقات تفاهم وتعاون.
وجود الغائة في تدوين النحو يحذف الفضول وبحذف التمثيل بما لاينطق به البشر، ويقلص من التطرق إلى الاختلافات، ويجعل المادة النحوية متسلسلة متدرجة تدرجاً منطقياً تتجه نحو غاية معينة هي تقويم اللسان.
وإذ ذكرت الغائية في العناصر النفسية لمنهج النحو، فلأنى أعتقد بأن المزاج النفسي الذي ساد عالمنا منذ الغزو المغولي حتى الآن أفقدنا إلى حدّ كبير الحركة نحو غاية محددة مرسومة في جميع مجالات حياتنا.
هذه المشاكل التي نعاني منها في حقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مردّها إلى عدم وجود الغائية وفقدان الأداف الواضحة، وهذا النوسان بين المناهج الشرقية والغربية في حياتنا على مختلف الأصعدة مرده إلى انعدام الأهداف المحددة. وهذه حالة نفسية تعتري كل أمة تصاب بصدمة كبيرة في مسيرتها، ولكن آن الأوان لبأن نرسم الغايات والأهداف الواضحة المدروسة، ونخطط للوصول إليها في كل مجالات حياتنا ومن ذلك مجال النحو.
والشمولة لها أهميتها النفسية في إعطاء الهيكل العام الكامل للطالب في مادة النحو، كي ينظر إليه نظرته إلى الجسد الواحد المترابط عضوياً، ونظرته إلى الجملة التامة المفيدة.
عندنا في إيران مشكلة في هذا المجال – أرجو أن لا يكون لها نظير في العالم العربي – وهي عدم اكتمال الكتاب الدراسي خلال العام الدراسي، فالطالب يقرأ قسما من هذا الكتاب، وقسما آخر من كتاب آخر، دون أن يكون فكرة كاملة عن كل المادة النحوية، وهذه تؤثر نفسياً في عدم وضوح المادة النحوية بهيكلها الكامل أمام الطالب. ولعل هذه الحالة غير موجودة في الحوزات العلمية، لأن الطالب في هذه الحوزات ملزم بإنهاء الكتاب قبل الانتقال إلى كتاب آخر، أما في الجامعات فالموجود غالباً هو أن يقرأ الطالب شيئا من شرح ابن عقيل ثم شيئاً من مغني اللبيب ثم شيئاً من الكافية وشيئاً من الشافية، دون أن ينهي دورة كاملة في كل منها.
لذلك أرى من المهم أن يكون أمام الطالب صورة متكاملة من أبواب النحو والصرف تتناسب مع مقدرته وسنه وهذه الصورة الشمولية لها تأثيرها النفسي الذي لا يخفى في استيعاب المادة النحوية.
الأسس النفسية في شخصية الأستاذ
أهمية شخصية الأستاذ في تقديم المادة الدراسية مسألة نفسية هامة لا تخفى، وفي حديثي سأتناول ما هو موجود في إيران، وإذا تجاوزت احياناً حدود الأدب في الحديث عن أستاذ اللغة العربية في إيران فإنما أمارس جلد الذات لأني أتشرف بأن أكون واحدا منهم.
الجوّ السائد في شرقنا هو اتجاه الطلاب إلى المدراس كي يكون لهم في المستقبل شغل يرتزقون منه. ولذلك تكون الفروع المدرة لمزيد من الرزق هي التي يتنافس عليها المتنافسون. كليات الطب والهندسة تستقطب الأوائل ثم كليات العلوم البحتة ثم كليات الاقتصاد والحقوق وأخيراً الآداب، وآخر فروع الآداب قسم اللغة العربية.
ولهذه الحالة العامة استثناءات . والاستثناءات ليست بقليلة لكنها لا تنافس الحالة العامة. والاستثناءات تكون في أولئك الذين يعشقون العربية لأسباب بيئية أو نفسية أو اعتقادية، فيتجهون إليها رغم إمكان دخولهم في الفروع الأخرى، بل هناك أمثلة عديدة في إيران من الذين تركوا كليات الهندسة واتجهوا نحو الآداب وإلى قسم اللغة العربية بسبب ظروف طوعية أو قاهرة، ويفخر كاتب السطور أن يكون منهم.
لكن الحالة العامة خطيرة، والخطر الأكبر فيها أن خريجي أقسام اللغة العربية عندنا في إيران غالباً ما يصبحون مدرسين في الثانويات والضعف يسري من الأستاذ إلى الطالب لا علمياً فحسب بلب نفسياً أيضاً. فالمدرس الذي لا يعشق المادة التي يدرسها تتأثر حالته ظاهرياً وسلوكياً وتعليمياً بذلك. وأحياناً يشخص الطلاب الأستاذ الجديد القادم إلى المدرسة أهو أستاذ اللغة العربية أم لا من مظهره وهندامه ولهم في ذلك نكات لا أستسيغ ذكرها.
وهذا الانطباع عن أستاذ اللغة العربية يشكل عقبة نفسية بين الطالب ومادة اللغة العربية عامة والنحو بشكل خاص لأنه أكثرها صعوبة وجفافاً.
ولنا في إيران تجربة جديدة نأمل نجاحها، وهي تشجيع الطلبة المتفوقين في الابتدائية والتوجيهية لدخول مدارس ثانوية مدعومة متخصصة في الآداب، اختير لها أفضل الأساتذة. وفي هذه المدارس التي تنافس أرقى المدارس الخاصة في إيران يتلغى الطالب تدريس الآداب واللغة الفارسية واللغة العربية بشكل مركز مدروس بأحدث التقنيات التعليمية، ويدخل عالم الكتابة والإبداع حسب كفاءته، ثم يتأهل للفروع الأدبية في الجامعة. وتبقى مشكلة الجامعة التي نود أن تصبح كليات الآداب فيها على مستوى طموح مثل هؤلاء الطلاب.
وحتى لا أخرج عن العامل النفسي في شخصية مدرس النحو أرى من الضروري تقديم المحفزات التي تستطيع أن تجتذب الطلاب المتفوقين إلى أقسام اللغة العربية، وأن يكون منهج إعداد أساتذة اللغة العربية مشتملاً على دروس في الثقافة المعاصرة والمعلومات العامة كي يرتبط المدرس بطلبته نفسياً، ويوفر الأرضية اللازمة لتقبل المادة الدراسية .

مقالات أخرى من هذا الكاتب
• «أكبر» والمذاهب   (بازدید: 859)   (موضوع: شخصيات)
• أبو فراس الحمداني   (بازدید: 2097)   (موضوع: أدب)
• أبو فراس الحمداني / مقاربة في دارسة مدحه وهجائه   (بازدید: 2372)   (موضوع: أدب)
• إحياء الاسلام أولا   (بازدید: 851)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• أزمة التخلف الحضاري و انعكاساتها على وضع المرأة المسلمة في عصرنا الراهن   (بازدید: 4151)   (موضوع: )
• ادباء ايرانيون في دراسات سيد قطب   (بازدید: 1614)   (موضوع: أدب)
• الأدبان المعاصران العربي و الفارسي مقاربة في الظواهر المشتركة   (بازدید: 1174)   (موضوع: أدب)
• الأواني المستطرقة   (بازدید: 1837)   (موضوع: أدب)
• الامام علي - العطاء الحضاري المتواصل   (بازدید: 902)   (موضوع: شخصيات)
• التقريب في القرن الماضي   (بازدید: 1075)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• التيسير في الحج في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها   (بازدید: 1162)   (موضوع: ملتقيات)
• الحب و التقريب   (بازدید: 921)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الحكومة الاسلامية من منظور الشاعر الكميت بن زيد   (بازدید: 1272)   (موضوع: أدب)
• الحوزة الإيرانية في القرن الماضي   (بازدید: 1334)   (موضوع: أوضاع المسلمين)
• الخطاب الانساني في مثنوي مولانا جلال الدين الرومي   (بازدید: 2468)   (موضوع: أدب)
• الرسالية في الشعر الشيعي   (بازدید: 948)   (موضوع: أدب)
• السنن الحَسنة   (بازدید: 907)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الشهيد مطهري وإحياء الفكر الاسلامي   (بازدید: 2456)   (موضوع: فكر إسلامي)
• القاعدة الاخلاقية والفكرية في الاقتصاد الاسلامي   (بازدید: 1356)   (موضوع: فكر إسلامي)
• القدس رمز وجودنا   (بازدید: 1020)   (موضوع: فلسطين)
• القضية الفلسطينية في ضمير الشعب الإيراني   (بازدید: 1013)   (موضوع: فلسطين)
• المؤتمر الفكري الاول للشهيد السعيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رض) لندن 11/1/2004   (بازدید: 856)   (موضوع: ملتقيات)
• المذاهب الإسلامية بين السلب والإيجاب   (بازدید: 787)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• المنظومة الفكرية للشهرستاني وموقع ابن سينا منها   (بازدید: 2123)   (موضوع: فكر إسلامي)
• الهجرة الفرص والتحديات   (بازدید: 1324)   (موضوع: حوار الحضارات)
• الى عرفات اللّه   (بازدید: 805)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• انتشار الإسلام في إيران / هل دخل بالسيف أم عن طريق القلوب؟   (بازدید: 2155)   (موضوع: فكر إسلامي)
• تكريم روّاد التقريب   (بازدید: 875)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• ثقافة التقريب / لماذا؟   (بازدید: 859)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• جولات تقريبية   (بازدید: 965)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• جولات تقريبية   (بازدید: 862)   (موضوع: فكر إسلامي)
• جولات تقريبية «القسم الثالث»   (بازدید: 853)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• حركة التاريخ في فكر الامام الصدر   (بازدید: 1926)   (موضوع: فكر إسلامي)
• حوار الحضارات - الالولويات - الأخطار   (بازدید: 1902)   (موضوع: حوار الحضارات)
• حوار مع الدكتور سيد حسين نصر   (بازدید: 1751)   (موضوع: مقابلات)
• دور السيد جمال الدين في الادب العربي الحديث   (بازدید: 2663)   (موضوع: شخصيات)
• دور زينب بنت علي في مسيرة الحضارة الاسلامية   (بازدید: 1727)   (موضوع: دراسات حضارية)
• رؤية السيد الشهيد الصدر لمسألة التنمية   (بازدید: 1452)   (موضوع: دراسات حضارية)
• رسالـة التقريب   (بازدید: 1012)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• سؤالات مجهولة من أسئلة نافع بن الأزرق إلى عبدالله بن عباس   (بازدید: 2134)   (موضوع: قرآن)
• سبل تنشيط العلاقات الثقافية بين الايرانيين و العرب   (بازدید: 990)   (موضوع: ثقافة)
• سعدي الشيرازي   (بازدید: 1973)   (موضوع: أدب)
• شاعران كبيران في إيران   (بازدید: 1515)   (موضوع: أدب)
• شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي الحلبي   (بازدید: 2526)   (موضوع: شخصيات)
• عزة الامة في التقريب   (بازدید: 973)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• عصر الأدب الفارسي الإسلامي   (بازدید: 7204)   (موضوع: أدب)
• فرصة عظيمة و لكنها مهددة   (بازدید: 918)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• قصة الناي في فكر الكواكبي   (بازدید: 1794)   (موضوع: فكر إسلامي)
• قصة الناي في فكر الكواكبي   (بازدید: 1100)   (موضوع: فكر إسلامي)
• كتب في ميزان التقريب   (بازدید: 1013)   (موضوع: كتب)
• كلمة التحرير   (بازدید: 948)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• لسان الدين بن الخطيب الاندلسي   (بازدید: 2832)   (موضوع: شخصيات)
• مجالات التقريب   (بازدید: 1011)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• مشاكل وعقبات في طريق وحدة المسلمين   (بازدید: 1318)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• معوقات النهوض وأسباب التخلّف في فكر الإمام الصدر   (بازدید: 1352)   (موضوع: فكر إسلامي)
• موقف الإسلام من التراث الإيراني القديم   (بازدید: 1840)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الإيرانيين من الدعوة الإسلاميّة   (بازدید: 837)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الايرانيين من الدعوة الإسلامية   (بازدید: 1132)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الرئيس الاسد من الثورة الاسلامية الايرانية - الخلفية التاريخية   (بازدید: 960)   (موضوع: شخصيات)
• نحن و البدعة   (بازدید: 956)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و التاريخ   (بازدید: 902)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الحج   (بازدید: 803)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الحسين   (بازدید: 871)   (موضوع: )
• نحن و السلفية   (بازدید: 801)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و السياسية   (بازدید: 801)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و السيرة   (بازدید: 786)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الصحوة الإسلاميّة   (بازدید: 794)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و العزة الإسلاميّة   (بازدید: 894)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الغزو الثقافي   (بازدید: 1038)   (موضوع: الغزو الثقافي)
• نحن و النظام الدولي الجديد   (بازدید: 884)   (موضوع: العالم الإسلامي)
• نحن و دولة الإسلام في إيران   (بازدید: 849)   (موضوع: العالم الإسلامي)
• نحن و شهر رمضان المبارك   (بازدید: 846)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و قضايانا المشتركة   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و مؤامرات الإثارة الطائفية   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• ندوة ثقافة التقريب بين المذاهب الاسلامية ودورها في وحدة الامة   (بازدید: 862)   (موضوع: ملتقيات)
• وحدة المسلمين فريضة   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• اختتام الدورة الأولى لمهارات اللغة العربية   (بازدید: 1092)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مؤتمر «اللغة العربية إلى أين؟»   (بازدید: 1115)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• ندوة الكواكبي   (بازدید: 1008)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الاجتماع الرابع عشر للجنة تنسيق العمل الإسلامي المشترك في منظمة المؤتمر الاسلامي   (بازدید: 1120)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الحوار الإيراني العربي / في المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق   (بازدید: 2061)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• وثائق / برنامج التعاون المشترك   (بازدید: 1132)   (نویسنده: الشيخ محمود محمدي عراقي)
• مؤتمر تفاعل بين الحضارات العربية – الاسلامية و الحضاراة الغربية و الدور الاسباني   (بازدید: 2114)   (نویسنده: محمد دكير)
• مؤتمر كيف نواصل مشروع حوار الحضارات   (بازدید: 2205)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مؤتمر المخطوطات العربية في إيران   (بازدید: 1018)   (نویسنده: المستشارية الثقافية بدمشق)
• الاجتماع الثالث عشر لمجمع الفقه الإسلامي (الكويت)   (بازدید: 1011)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• البيان الختامي لمؤتمر علماء الإسلام   (بازدید: 905)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• المؤتمر الإعلامي الدولي لدعم الانتفاضة الفلسطينية (طهران)   (بازدید: 1607)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مؤتمر علماء الإسلام (بيروت)   (بازدید: 975)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• البيان الختامي المؤتمر الدولي الرابع عشر للوحدة الإسلاميّة   (بازدید: 975)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• البيان الختامي لمؤتمر الشهيد الصدر   (بازدید: 1020)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• المؤتمر العالمي لدعم الانتفاضة   (بازدید: 698)   (نویسنده: آية الله السيد علي الخامنئي)
• البيان الختامي   (بازدید: 983)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الملتقى الدولى لتكريم الامام البروجردي و الامام شلتوت   (بازدید: 762)   (نویسنده: آية الله السيد علي الخامنئي)
• الملتقى الدولى لتكريم الامام البروجردي و الامام شلتوت مقدمة   (بازدید: 937)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• تقرير عن المؤتمر الثالث عشر للوحدة الاسلامية   (بازدید: 978)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]