banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

كتب في ميزان التقريب
رسالة التقريب - العدد ٣٠
كتب
محمّد علي آذرشب
1421

الإسلام والفكر السياسي الديمقراطية - الغرب - إيران
كتاب صدر أخيراً عن (المركز الثقافي العربي) ويضم مجموعة مقالات لعرب وإيرانيين ومستشرقين، قدمت إلى مؤتمر أقامته المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق، بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي، ومعهد (غوته) الألماني، والمركز الثقافي الإسباني.
وتقع مقالات الكتاب في ثلاثة فصول:
الأول: الإسلام والديمقراطية… إشكالية العلاقة
وعالجت مقالات هذا الفصل إشكالية العلاقة بين الإسلام باعتباره يمثل التطبيق العملي لإرادة اللّه في الأرض، وبين الديمقراطية التي تجسد إرادة الشعب.
جان فرانسوا بايار، الباحث في مركز الدراسات والبحوث الدولية بباريس، تحدث عن: (الإسلام ومسار الديمقراطية في الدول الإسلامية)، واشار إلى
- - - - - (٢١٠) - - - - -
التصوير الغربي الجامد عن الإسلام، وإلى مايذهب إليه كثير من المفكرين والمحللين الغربيين الذين يعتبرون الإسلام لا يملك قدرة التمييز بين ماهو فضاء ديني وفضاء سياسي. كما ينظرون إلى وضع المرأة وظروفها في ظل التشريع الإسلامي على أنه مناقض لحياة ديمقراطية سعيدة (ص ١٢).
وذكر الباحث أن الثورة الإسلامية قد ميزت بين نوعين من الشرعية يعتبران بمثابة دعامتين أساسيتين من دعائم النظام: أولاً - الشرعية الإسلامية، والتي ماهي إلا الشرعية الثورية. وثانياً - الشرعية الديمقراطية التي تقوم على أساس الانتخابات. ومجلس محافظة الدستور يعتمد على هاتين القاعدتين الشرعيتين. (ص ١٣).
أما بشأن الوضع النسوي في إيران فذكر الباحث: إن من مفارقات التاريخ أن يكون إقامة الجمهورية الإسلامية قد أدى إلى توسيع مشاركة المرأة في النشاطات الاجتماعية. (ص ١٣).
والبرفسور فرنر كلاوس روف، مدير قسم الأبحاث في CRESM بفرنسا، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة كاسل، تساءل في بداية بحثه: لماذا يثير الغرب هذا الجدل الدائر حول الأصولية والديمقراطية إلى حدِّ شديد؟ فمنذ متى أخذ الغرب يهتم إلى هذا الحد برفاهية وحقوق الإنسان الشرقي وبشرعية الأنظمة الحاكمة هناك؟ (ص ٢٠).
- رسالة التقريب - العدد ٣٠ محمد علي آذرشب ـالإسلام والفكر السياسي - وذكر بعض الشهادات التي تبين روح الاستعلاء الغربية التي عبر عنها هنتغتون، وهي تكرار لأطروحات أرنست رينان وأمثاله الذين يستهينون بالشعوب الإسلامية ويسخرون منها. وتحدث عن جذور العداء الغربي للمسلمين، وعن إحياء صورة العدو الشرقي الإسلامي بعد انهيار المعسكر الشيوعي.
- - - - - (٢١١) - - - - -
ثم بيّن بالتفصيل تناقض سياسة الغرب مع دول الشرق الأدنى والأوسط على عدة مستويات، منها أنها تناقض القواعد الأساسية لخطاب الشرعية الغربية. وأن سلوك الغرب في الشرق يعد نقيضاً للمبادئ التي ينادي بها عالياً، كما أن دعم الغرب هذا للأنظمة الحاكمة في الشرق يساهم في سد الطريق على أية إمكانية تؤدي إلى مشاركة الشعب في إدارة بلاده. (ص ٢٨).
وخلص الباحث إلى القول: ليست الديمقراطية حكراً على الغرب، ولكنها خصوصية من خصائص المجتمع الإنساني الحديث والمتعدد. (ص ٣٠).
الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية قدم ورقته للمؤتمر تحت عنوان: (الفكر الإسلامي المعاصر في المجال العربي: أصوله وتحولاته) استعرض فيها وجوه التغيير في الفكر الإسلامي العربي المعاصر في ضوء إشكالية الهوية التي طرحت بقوة في عقود القطيعة بين الشرق والغرب، عبر كتابات محمد رشيد رضا، وعلي عبد الرازق، وحسن البنا، وسيد قطب.
ثم ذكر ما قدمته التجربة الإسلامية في إيران في هذا المجال، إذ قال: أما الثورة الإسلامية في إيران فقد تركت في إسلاميي الوطن العربي أثراً عميقاً من وجهين: اشتراع الدستور الإسلامي الذي اقترح حلاً لمسألة المرجعية، وإظهار إمكان الثقة بالجمهور عن طريق صناديق الاقتراع من أجل حماية مصالح الأمة من جهة، واستقرار النظام من جهة ثانية. فقد ظل الإسلاميون العرب حائرين في كيفية تطبيق الشريعة أو إقامة الدولة الإسلامية منذ حاصروا أنفسهم بمسألة الحاكمية التي لم تفرّق بين المرجعية العليا من جهة، والتنظيم والتدبير من جهة ثانية. وهذه مسألة حلّها الدستور الإيراني عن طريق التفرقة والمزاوجة بين الأمرين في الوقت نفسه. فالإسلام وشريعته مرجعية عليا
- - - - - (٢١٢) - - - - -
للدولة والنظام، وهناك مؤسسات دستورية مؤتمنة على هذه المرجعية. وفي ظل تلك المؤسسات تقوم هيئات تشريعية تنظيمية وتنفيذية بتدبير أمور المجتع، وتسيير إدارات الدولة، وبذلك لا تتشخصن المرجعية ولا الشريعة كما كان عليه الأمر لدى جماعات الإسلام الراديكالي في السبعينات. أما العلاقة بالجمهور فقد صحّحها الإسلاميون الإيرانيون بالعودة إليه استفتاءً واقتراعاً وبشكل منتظم وعلى كل المستويات، وقد أظهر الجمهور هذا حرصاً على الإسلام ودولته لايقل عن حرص دعاته ومنظّريه، فقد ظل الإسلاميون العرب لعدة عقود ينقدون الآليات الديمقراطية بحجة أنها غربية مستوردة ويمكن التلاعب بها، لكنهم كانوا في الحقيقة يخشون الجمهور على الإسلام وعلى أنفسهم، وقد أظهر المثل الإيراني أنه لا داعي لتلك المخاوف، وأن جماهير الصحوة ذاتها، ومن ضمن التزامها بالإسلام والمصالح العليا لأوطانها وأمتها تريد أن تتولى إدارة أمورها بنفسها وليس من خلال طلائعها الثورية وحسب.
ورقة الدكتور أحمد موصللي أستاذ الجامعة الأمريكية في بيروت، كانت تحت عنوان: (الأصولية الإسلامية والإرهاب)، استعرض فيه تاريخ ظهور الحركات الإسلامية المعاصرة، وتعامل الغرب معها، وتركيز الإعلام الغربي على العموم بتشويه صورة العرب والمسلمين في الوعي العام. فالمسلم (في خطاب هذا الإعلام) هو مخرّب يقاوم وجود إسرائيل الضعيفة، ويقاوم الحضارة الغربية ومصالحها الاقتصادية في المنطقة. (ص ٥٣).
ويرد الغرب تكريس انتصاراته العسكرية وتكنولوجيته إلى انتصارات سياسية وثقافية تلغي الهوية الخاصة للآخر. (ص ٥٤).
ومايحدث اليوم يؤكد الفكرة القائلة بأن المجتمع الدولي (أو الغربي، بتعبير صحيح) يستخدم الحق المزدوج للقانون والشرعية الدولية، فالغرب يكيل
- - - - - (٢١٣) - - - - -
بمكيالين ويقيس بمقياسين. (ص ٥٤).
ثم تحدث الباحث عن الخطة التي ينفذها العرب لممارسة الإرهاب ضد العالم الإسلامي باسم مكافحة الإرهاب، وباسم مقاومة الأصولية الإسلامية، واستعرض التصريحات الصهيونية التي تحذّر من الإسلام المتطرف الذي تسانده إيران والذي يمثله حزب اللّه في لبنان وحماس في فلسطين (ص ٦٤).
وذكر الباحث في نهاية دراسته العوامل التي تروج لمقولة الخطر الإسلامي وإرهابه.
الورقة الأخرى في هذا الفصل للدكتور طلال عتريسي، أستاذ في الجامعة اللبنانية، تحت عنوان: (الإسلام والديمقراطية قراءة في استراتيجية التصالح… الحركة الإسلامية في لبنان «حزب اللّه» نموذجاً)، قدم فيها تاريخ نظرة الإسلاميين إلى الديمقراطية، وتجربة الجمهورية الإسلامية في الجمع بين النظام الجمهوري والمرجعية الدينية، وتحدث عن تجربة حزب اللّه في لبنان، وحلل خطابه منذ نشأته، وركز على موقفه من النظام اللبناني والأنظمة العربية، ومن الطوائف غير المسلمة. وخلص إلى القول: إن الثمانينات كانت مرحلة صعود (الإسلامية الثورية) بوجوهها كافة، لكن ماحصل خلال العقدين الماضيين على مستوى التغييرات السياسية والاستراتيجية العالمية، وعلى مستوى تكنولوجيا الاتصال جعل الحركات الإسلامية أكثر انفتاحاً. وما حصل داخل هذه الحركات، وفي البلدان الإسلامية من تحولات دفع المشروع الإسلامي باتجاه أكثر هدوء وتواضعاً، وأكثر استعداداً لقبول الآخر، وقبول المشاركة. (ص ٨١).
المقال الأخير في هذا الفصل للدكتور ماجد شدود عميد المعهد العالي للعلوم السياسية تحت عنوان: (الديمقراطية والمتغيرات الدولية)، ويرى الباحث أن
- - - - - (٢١٤) - - - - -
الديمقراطية نشأت وتطورت عبر التاريخ وتجسدت من خلال نماذج وصيغ متعددة. وكان قانون الخصوصية الوطنية والاجتماعية والتاريخة على نحو أو آخر يحدد مضمونها وصيغها وأساليب تطبيقها المختلفة (ص ٨٥). ولكن المفكرين الأمريكيين يرون أن المجتمع الدولي كله يجب أن يتطور على أساس النموذج الذي حدده ووضعه الطرف المنتصر في إطار المتغيرات القائمة أي الدول الرأسمالية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وأن عملية التطور يجب أن تكون من وجهة نظر هؤلاء المفكرين من خلال (الديمقراطية الليبرالية) أي الحاجة إلى عولمة (الديمقراطية) من المنظور الرأسمالي الليبرالي (ص ٨٦)، وهو أمر مرفوض ويتناقض مع قانونية التطور الاجتماعي العام، وترفضه الحقائق والوقائع الموجودة والخبرات والتجارب المعممة. (ص ٩٠).
الفصل الثاني: التجربة الإسلامية في إيران بعد عشرين عاماً من الثورة… رؤية من الداخل
وفيه ثلاث مقالات لباحثين إيرانيين.
المقالة الأولى: آلية المشاركة الشعبية في النظام السياسي في إيران، للدكتور نجفقلي حبيبي رئيس جامعة العلامة الطباطبائي بطهران. تناول فيها المقومات الكامنة في ذات البنية الأساسية للنظام السياسي في الإسلام، تلك التي أدت إلى مشاركة الشعب مباشرة في تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، منها حق الجماهير في تعيين القائد، والحرية، وإرادة الجماهير، والواجب الكفائي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفريضة محاربة الظلم، ونصح القادة، والتأييد الشعبي، والرقابة (ص ١٠١ - ١٠٦). ثم استعرض العراقيل التي تعترض المشاركة الشعبية الإسلامية في النظام السياسي، وجهود الإمام الخميني (رضي الله عنه) في تصحيح المفاهيم وكسر الحواجز بين الأمة
- - - - - (٢١٥) - - - - -
والممارسة السياسية، وكان نجاحه يعود بالدرجة الأولى إلى مشروعه السياسي الديني المتمثل بولاية الفقيه.
المقالة الثانية: الحرية في رؤية الفلسفة السياسية للإمام الخميني (رضي الله عنه). للأستاذ حميد حيدري، باحث إيراني في الحوزة العلمية، عرض فيه رؤية الإمام الخميني للحرية، وهي رؤية الإسلام التي ترى أن الحرية حق ممنوح من اللّه (ص ١١٦) وأنها نتيجة طبيعية لعبادة اللّه الواحد الأحد. (ص ١١٩)، وتناول الباحث حدود الحرية (ص ١٢٠)، والطرق الكفيلة بضمان الحريات، هي الدستور (ص ١٢٥) ومراقبة المرشد العام (ص ١٣٠).
المقالة الثالثة: إشكالية العلاقة بين الديمقراطية والنظام الإسلامي للسيد هادي خسرو شاهي رئيس مركز الدراسات التاريخية في إيران.
ويرى الباحث أن الديمقراطية كتجربة بشرية لها حسناتها وسيئاتها، وهي تلتقي بتجارب بشرية أخرى أو تفترق معها، وربما تكون أفضل ما توصل إليه عقل الإنسان في مجال حركة السلطة والقدرة والحكم، إلا أنها لا يمكن أن تكون معياراً في قياس صحة أو سقم أي من التجارب الأخرى، بل المعيار هو ما تحققه هذه التجارب - بما فيها الديمقراطية - من سعادة واستقرار وأمان وحرية وتماسك اجتماعي للبشرية (ص ١٣٥).
والديمقراطية كآلية لممارسة السلطة وبغض النظر عن مضامينها الفلسفية والأيديولوجية، فيها كثير من نقاط التقاطع مع النظام السياسي الإسلامي المطبق في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من ذلك: دولة القانون، والجمهورية، والفصل بين السلطات، والحقوق والحريات العامة.
الفصل الثالث: التجربة الإسلامية في إيران بعد عشرين عاماً من الثورة… رؤية من الخارج
البحث الأول: فيه للأستاذ جودت سعيد المفكر الإسلامي السوري عن
- - - - - (٢١٦) - - - - -
(موقع التجربة الإيرانية في الفكر السياسي الإسلامي)، ركز فيه الباحث على ظاهرة اللاعنف واحترام كرامة الإنسان وصيانة عزته في تجربة الثورة والدولة بإيران. وشرح موقع هذه الثورة من التاريخ الإسلامي قائلاً: إن الإيرانيين بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) هم وحدهم في العالم الذين صنعوا الشرعي بالشرعية من دون اللجوء إلى العنف (ص ١٥٦). وذهب إلى أن الثورة تطوي أدوار نضجها ونموّها بالتدريج، وعرض لخطاب السيد الرئيس الخاتمي باعتباره الدليل على نضج التجربة الإيرانية (ص ١٦٣ - ١٦٩).
والبحث الثاني: من بحوث هذا الفصل للدكتورة فريبا عادل خواه باحثة إيرانية الأصل في مركز الدراسات والبحوث الدولية بباريس تحت عنوان: (الديمقراطية في إيران… انتصار خاتمي).
بينت فيه الظروف التي أحاطت بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران والتي دفعت بالسيد خاتمي إلى الرئاسة، وقالت: إن قوة خاتمي نبعت من صفاته القوية كرجل إداري، وكونه مقرباً من هاشمي رفسنجاني، وأيضاً كونه حجة الإسلام بالإضافة إلى مقامه الجامعي وتعاونه السابق مع المناضل الثائر المرحوم آية اللّه بهشتي… (ص ١٧٣).
والبحث الثالث: من مقالات هذا الفصل بعنوان: (خطاب الحرية… خاتمي وسؤال التجديد)، للدكتور رضوان جودت زيادة، كاتب وباحث سوري، وفيه يلقي الضوء على كتاب الدكتور خاتمي: (مطالعات في الدين والإسلام والعصر) ويذكر أن خاتمي ينتصر لتيار الإصلاح القائم على التعامل بشكل إيجابي مع التمدن الغربي، ولكن على قاعدة التمسّك بالهوية والذات…. والآمال بالتجديد معقودة على هذا التيار الذي يعي تمام الوعي أن التعامل مع الغرب يجب أن يكون على قاعدة وعيه أولاً، والتعرف إليه بصورة سليمة وصحيحة، ثم
- - - - - (٢١٧) - - - - -
التعامل مع التراث كمعين للهوية التاريخية والاجتماعية للأمة…. (ص ١٧٩).
البحث الرابع: في هذا الفصل: (تحولات جديدة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية) للدكتور أندرياس ريك باحث في معهد الاستشراق ببيروت ومعهد الاستشراق الألماني في هامبورغ، ذهب فيه إلى أن أهم أسباب تغيير الرأي العام في إيران منذ ثورة سنة ١٩٧٩ حتى الآن أن هذه الثورة قد حققت أكثر أهدافها، فلم تعد المبادئ الدينية والروحية في خطر الزوال، وقد تحررت إيران تحريراً كاملاً من كل تبعية للغرب، واستعادت سيادتها الوطنية، بل أصبحت أهم قوة في منطقة الخليج الفارسي مرة أخرى على رغم كل محاولات أمريكا لتطويقها (ص ١٨٧).
وفي موقع آخر يتوقع الباحث أن يكون التغيير في ايران على مهل، وأن يحافظ العلماء على دورهم السياسي، فكثير منهم أثبتوا أنهم يجيدون فن السياسة ومنهم القائد السيد علي الخامنئي، الذي حال دون أي تصادم خطير بين الاتجاهات السياسية المتنافسة بمواقفه المتوازنة والدقيقة. (ص ١٨٨).
وورقة الدكتور جورج جبور الباحث السوري واستاذ قسم السياسة تحت عنوان: (حقوق الشعب في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية) تناول فيها مواد من الدستور بنظرة عامة، ثم ختم بحثه بملاحظات جاء فيها:
ثورة ايران هي إما أولى صورة قامت باسم الإسلام في العقود الأخيرة، أو أهمها، أو أولاها وأهمها معاً. ويعني وضعها دستوراً أنها هجرت نظريةً فقهية كانت سائدة حتى أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر مؤداها أن للدولة الإسلامية دستوراً هو كتاب اللّه، فلا حاجة بها إلى دستور وضعي.
ثم إن ما ذكرناه عن حقوق الشعب يوضح بجلاء عصرية وديمقراطية الأصولية الإسلامية الإيرانية، واستعمال كلمة أصولية هنا بمعناها الحقيقي
- - - - - (٢١٨) - - - - -
الذي يحمل قدراً من (المديح) لا بمعناها الإصلاحي (أي الدارج) الذي حمل كثيراً من (الهجاء).
وحين نشير إلى عصرية وديمقراطية حقوق الشعب في دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية فنحن حريصون على تأكيد أن القرآن الكريم إنما هو ينبوع - أو من ينابيع - هذه العصرية والديمقراطية (ص ٢٠٥).
وتحت عنوان: (إيران والفكر السياسي الإسلامي) قدم البروفسور غيرنورت روتر أستاذ العلوم الشرقية المعاصرة في جامعة هامبورغ، ومدير معهد الاستشراق في بيروت. ورقته ليستعرض فيها الإشكاليات الموجودة بين (الديني) و (الديمقراطي) كما يعتقده الباحثون والمفكرون والفلاسفة الغربيون، ثم استدرك قائلاً:
إن المقياس الأهم الذي يمكن على أساسه قياس تحقيق نظام ديمقراطي هو حقوق الأقليات العنصرية والاجتماعية والدينية. لقد طوّرت الشريعة الإسلامية منذ بداية الفتوحات الأولى في عهد الخلفاء الراشدين نظاماً مميزاً ومثالياً آنذاك هو نظام الذمة لأهل الكتاب من المسيحيين واليهود خاصة، وقد حال هذا النظام دون حدوث تطورات تكاثر حدوثها في الغرب المسيحي فيما بعد، كمطاردة اليهود وقتلهم المرة بعد المرة، وقتل المسلمين أو طردهم من الأندلس خلال زمن ديوان التفتيش، والحروب العديدة التي مارسها بعض المسيحيين ضد بعضهم الآخر باسم الدين، وعلاوة على ذلك عليّ أن أشير إلى عدم وجود أي نوع من أنواع العنصرية في الإسلام، مما حال دون أعمال عنصرية وحشية كتلك التي عرفتها ألمانيا إبان الفترة النازية كانت الـ Holocaust أشدها، كل هذا صحيح ويشرّف الإسلام ديناً وثقافة وتمدناً.
المقال الأخير: في هذا الفصل الأخير من الكتاب بحث للبروفسور أنطونيو
- - - - - (٢١٩) - - - - -
الورثا أستاذ بجامعة كوميلوتنس في مدريد تحت عنوان: (الثورة الإيرانية… تحدي الحداثة)، وفيه يتحدث عن (الأصولية) واختلاف التجربة الدينية الإيرانية عن فهم الغرب لهذه الأصولية ويقول:
يدخل التجديد هنا متناسقاً مع منظومة الإمام الخميني البرهانية، فالمجتمع الإسلامي يجب ألاّ يكون ارتدادياً، بل على العكس تماماً لأن الإسلام يراهن على إصلاح المجتمع ويرفض الطروحات المحافظة والرجعية لأنه أعلى صيغ التقدم. إن الأمر لا يتعلق بالعودة إلى الصحراء وإلى الحياة القبائلية، كما يمكن أن تشير بعض الطوباويات الإسلامية الأصولية، بل يتعلّق بتنقية المجتمع المعاصر من عناصر الفساد أو العناصر المعادية للإسلام، بدمج وظيفته في قالب القيم والمعتقدات وأشكال الإيمان الحقيقي ذاتها. أما عدا ذلك فإن (كل جوانب الحضارة والتحديث مسموح بها في الإسلام، باستثناء ما يفسد العريكة ويهدم الفضيلة). وينتهي الإمام الخميني إلى خلاصة مفادها: (إن بلداً يطبّق قواعد الإسلام سيصبح بكل تأكيد من أكثر البلدان تقدماً).
وبعد فالمهم في هذا الكتاب أنه يطرح وجهات نظر مختلفة للتجربة الإسلامية في إيران وعلاقتها بالديمقراطية. المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق استهدفت طرح هذه الآراء المختلفة في اجتماع يضم علماء إيرانيين وباحثين عرب ومستشرقين ليدور بشأنها حوار، وهذا ماتمّ بالفعل، فقد دار خلال أيام انعقاد الندوة حوار جاد ومناقشات ساخنة، غير أن الكتاب المطبوع اكتفى بطرح الأوراق لتكون حافزاً على مناقشات أوسع.

مقالات أخرى من هذا الكاتب
• «أكبر» والمذاهب   (بازدید: 859)   (موضوع: شخصيات)
• أبو فراس الحمداني   (بازدید: 2097)   (موضوع: أدب)
• أبو فراس الحمداني / مقاربة في دارسة مدحه وهجائه   (بازدید: 2372)   (موضوع: أدب)
• إحياء الاسلام أولا   (بازدید: 851)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• أزمة التخلف الحضاري و انعكاساتها على وضع المرأة المسلمة في عصرنا الراهن   (بازدید: 4151)   (موضوع: )
• ادباء ايرانيون في دراسات سيد قطب   (بازدید: 1614)   (موضوع: أدب)
• الأدبان المعاصران العربي و الفارسي مقاربة في الظواهر المشتركة   (بازدید: 1174)   (موضوع: أدب)
• الأواني المستطرقة   (بازدید: 1837)   (موضوع: أدب)
• الامام علي - العطاء الحضاري المتواصل   (بازدید: 902)   (موضوع: شخصيات)
• التقريب في القرن الماضي   (بازدید: 1075)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• التيسير في الحج في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها   (بازدید: 1162)   (موضوع: ملتقيات)
• الحب و التقريب   (بازدید: 921)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الحكومة الاسلامية من منظور الشاعر الكميت بن زيد   (بازدید: 1272)   (موضوع: أدب)
• الحوزة الإيرانية في القرن الماضي   (بازدید: 1334)   (موضوع: أوضاع المسلمين)
• الخطاب الانساني في مثنوي مولانا جلال الدين الرومي   (بازدید: 2468)   (موضوع: أدب)
• الرسالية في الشعر الشيعي   (بازدید: 948)   (موضوع: أدب)
• السنن الحَسنة   (بازدید: 907)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الشهيد مطهري وإحياء الفكر الاسلامي   (بازدید: 2456)   (موضوع: فكر إسلامي)
• القاعدة الاخلاقية والفكرية في الاقتصاد الاسلامي   (بازدید: 1356)   (موضوع: فكر إسلامي)
• القدس رمز وجودنا   (بازدید: 1020)   (موضوع: فلسطين)
• القضية الفلسطينية في ضمير الشعب الإيراني   (بازدید: 1013)   (موضوع: فلسطين)
• المؤتمر الفكري الاول للشهيد السعيد آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رض) لندن 11/1/2004   (بازدید: 856)   (موضوع: ملتقيات)
• المذاهب الإسلامية بين السلب والإيجاب   (بازدید: 787)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• المنظومة الفكرية للشهرستاني وموقع ابن سينا منها   (بازدید: 2123)   (موضوع: فكر إسلامي)
• الهجرة الفرص والتحديات   (بازدید: 1324)   (موضوع: حوار الحضارات)
• الى عرفات اللّه   (بازدید: 805)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• انتشار الإسلام في إيران / هل دخل بالسيف أم عن طريق القلوب؟   (بازدید: 2155)   (موضوع: فكر إسلامي)
• تكريم روّاد التقريب   (بازدید: 875)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• ثقافة التقريب / لماذا؟   (بازدید: 859)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• جولات تقريبية   (بازدید: 965)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• جولات تقريبية   (بازدید: 862)   (موضوع: فكر إسلامي)
• جولات تقريبية «القسم الثالث»   (بازدید: 853)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• حركة التاريخ في فكر الامام الصدر   (بازدید: 1926)   (موضوع: فكر إسلامي)
• حوار الحضارات - الالولويات - الأخطار   (بازدید: 1902)   (موضوع: حوار الحضارات)
• حوار مع الدكتور سيد حسين نصر   (بازدید: 1751)   (موضوع: مقابلات)
• دور السيد جمال الدين في الادب العربي الحديث   (بازدید: 2663)   (موضوع: شخصيات)
• دور زينب بنت علي في مسيرة الحضارة الاسلامية   (بازدید: 1727)   (موضوع: دراسات حضارية)
• رؤية السيد الشهيد الصدر لمسألة التنمية   (بازدید: 1452)   (موضوع: دراسات حضارية)
• رسالـة التقريب   (بازدید: 1012)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• سؤالات مجهولة من أسئلة نافع بن الأزرق إلى عبدالله بن عباس   (بازدید: 2134)   (موضوع: قرآن)
• سبل تنشيط العلاقات الثقافية بين الايرانيين و العرب   (بازدید: 990)   (موضوع: ثقافة)
• سعدي الشيرازي   (بازدید: 1973)   (موضوع: أدب)
• شاعران كبيران في إيران   (بازدید: 1515)   (موضوع: أدب)
• شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي الحلبي   (بازدید: 2526)   (موضوع: شخصيات)
• عزة الامة في التقريب   (بازدید: 973)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• عصر الأدب الفارسي الإسلامي   (بازدید: 7204)   (موضوع: أدب)
• فرصة عظيمة و لكنها مهددة   (بازدید: 918)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• قصة الناي في فكر الكواكبي   (بازدید: 1794)   (موضوع: فكر إسلامي)
• قصة الناي في فكر الكواكبي   (بازدید: 1100)   (موضوع: فكر إسلامي)
• كلمة التحرير   (بازدید: 948)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• لسان الدين بن الخطيب الاندلسي   (بازدید: 2832)   (موضوع: شخصيات)
• مؤتمر تيسير علم النحو   (بازدید: 1329)   (موضوع: ملتقيات)
• مجالات التقريب   (بازدید: 1011)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• مشاكل وعقبات في طريق وحدة المسلمين   (بازدید: 1318)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• معوقات النهوض وأسباب التخلّف في فكر الإمام الصدر   (بازدید: 1352)   (موضوع: فكر إسلامي)
• موقف الإسلام من التراث الإيراني القديم   (بازدید: 1840)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الإيرانيين من الدعوة الإسلاميّة   (بازدید: 837)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الايرانيين من الدعوة الإسلامية   (بازدید: 1132)   (موضوع: تاريخ)
• موقف الرئيس الاسد من الثورة الاسلامية الايرانية - الخلفية التاريخية   (بازدید: 960)   (موضوع: شخصيات)
• نحن و البدعة   (بازدید: 956)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و التاريخ   (بازدید: 902)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الحج   (بازدید: 803)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الحسين   (بازدید: 871)   (موضوع: )
• نحن و السلفية   (بازدید: 801)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و السياسية   (بازدید: 801)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و السيرة   (بازدید: 786)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الصحوة الإسلاميّة   (بازدید: 794)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و العزة الإسلاميّة   (بازدید: 894)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و الغزو الثقافي   (بازدید: 1038)   (موضوع: الغزو الثقافي)
• نحن و النظام الدولي الجديد   (بازدید: 884)   (موضوع: العالم الإسلامي)
• نحن و دولة الإسلام في إيران   (بازدید: 849)   (موضوع: العالم الإسلامي)
• نحن و شهر رمضان المبارك   (بازدید: 846)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و قضايانا المشتركة   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• نحن و مؤامرات الإثارة الطائفية   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• ندوة ثقافة التقريب بين المذاهب الاسلامية ودورها في وحدة الامة   (بازدید: 862)   (موضوع: ملتقيات)
• وحدة المسلمين فريضة   (بازدید: 850)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• قصة الطوائف   (بازدید: 908)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الموسوعة الميسرة في الاديان و المذاهب المعاصرة   (بازدید: 1130)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• نقد كتاب: لا سنة و لا شيعة   (بازدید: 474)   (نویسنده: شهاب الدين العذاري)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]