بمناسبة ذكرى الانتصار في 11 فبراير (شباط)
1979م
المصطلح الشائع عن التحول الذي حدث في إيران هو «الثورة الإسلامية» وكلمة الثورة تستعمل بدلها في اللغة الفارسية: «انقلاب»، وهذه الكلمة العربية الفارسية أقرب إلى التعبير عن طبيعة ماحدث في إيران، وإن كانت هذه الكلمة تستعمل في اللغة العربية ضمن دائرة الانقلابات العسكرية، ورجّحنا استعمال كلمة «التغيير» لأنها الكلمة القرآنية التي تتحدث عن «انقلاب» الأمة في محتواها الداخلي ومن ثم في واقعها الاجتماعي:  إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ  (الرعد:11).
ومهما كان رأيك في الذي حدث في إيران، فهو دون شك تعبير عن إرادة الامة على العودة إلى دائرة الحضارة الاسلاميّة، بعد أن أريد لهذا البلد تحت شعارات «قومية عنصرية متعصّبة» أن تصاغ هويته على أساس قوميّ شاهنشاهي.
إنّ الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه استطاع بقدرة الله أن يجمع بين «القومي» و«الرسالي» ويعبّأ الامة لتعود إلى حضيرة الامة الإسلامية ولتتبنى قضايا المسلمين، وعلى رأسها استعادة كرامة الامة وعزتها، واستئناف مسيرتها الحضارية، وتبنّي قضاياها وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
هذا التحول أحيط بسبب عوامل داخلية وخارجية، مع الاسف، بضباب كثيف هو مزيج من جهل وخوف وطائفية وعنصريّة وإعلام سيء وضغوط خارجيّة، وهذا فوّت على الأمة وعلى إيران أيضاً فرصة عظيمة لاستعادة الوحدة والتلاحم والعزّة.
العامل السياسي في منطقتنا الإسلامية، أو بعبارة أصحّ عامل مصالح الحكم حصر هذه الظاهرة الثقافية الحضارية في إطار ضيّق مليء بالوساوس والمخاوف. ولايزال هذا العامل والعامل الاجنبي يعملان على تكثيف هذا الضباب. ومع كل هذه المساعي نستطيع أن نقول دون أية مبالغة أن هذا التحوّل كان له الاثر الكبير على تحوّل العالم الاسلامي نحو استعادة وجوده وإحياء هويته.
ونرجو أن يتعالى المفكرون المسلمون على الحساسيات السياسية، ويتناولوا حادثة التغيير الإسلامية في إيران من منظور ثقافي حضاري.