انتصار لبنان.. حضارياً
|
ثقافتنا - العدد 11
العالم الإسلامي
محمّد علي آذرشب
1427
للمدير المسؤول كلمة انتصار لبنان والمقاومة المجاهدة في لبنان هو حدث القرن الحادي والعشرين بامتياز. كثيرون هم الذين تحدّثوا عن هذا الانتصار في جوانبه العسكرية والسياسية والستراتيجية.. ولكنّ الأهم في اعتقادنا هو الجانب الحضاري من هذا الانتصار.. إنّ الأمّة اليوم إذ تعاني من حالة وقفة أو «فتور» على حدّ تعبير الكواكبي في حركتها الحضارية تحتاج أيّما احتياج إلى هزّة في شعورها، وإيمان بذاتها، وإحساس بعزّتها وكرامتها، كي تتخلّص من هذه الحالة التي أبعدتها عن مسايرة ركب الحضارة العالمية. لقد تظافرت جهود قوى الهيمنة العالمية لتكريس حالة «الفتور» عن طريق قصف يتواصل ليل نهار لمشاعرعزّتنا وهويّتنا وانتمائنا وأملنا في المستقبل وثقتنا بأنفسنا، فأصبحنا وكأننا في عالم آخر يختلف تماماً عمّا كنّا عليه لافي عصر ازدهارنا الحضاري فحسب، بل حتى عمّا كنّا عليه في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. واجه العالم الإسلامي منذ بداية هذا القرن الميلادي بصورة خاصة خطة هجوم شامل لإبادة كل مقومات وجوده باسم «العولمة» و«الشرق الأوسط الكبير» و«الشرق الأوسط الجديد» و«نشر الديمقراطية». و«مكافحة الإرهاب» و.. وشهد أمام هذا الهجوم تراجعاً فظيعاً في المعنويات والثقافة والهوية والمقاومة والصمود، غير أن «حزب الله» في لبنان استطاع خلال هذه المدّة من القيام بمعجزتين كان لهما الأثر الكبير في صدّ هذا الهجوم ودرء هذا التراجع. كان الأول حين أجبر أعداء الانسانية على الهروب من الجنوب اللبناني، وهذا الثاني يأتي ليسجّل انتصاراً أكبر وأهمّ.. أهميّة هذا الانتصار تأتي من الظروف التي كادت تسود المنطقة بعد احتلال العراق. هذه الظروف كرّست التراجع إلى حدّ كبير.. وفي ظل هذا التراجع أو الفتور تستطيع قوى الهيمنة عادة أن تبطش وتمزّق وتحاصر. فدخلت بكل قوّتها لتمزيق الامة «عنصرياً» و«طائفياً»، واتجهت إلى المقاومة في لبنان لتحاصرها أيضا بالمنطق العنصري والطائفي، ضاربة على وتر الرغبة في الاسترخاء والبطر والانغماس في الشهوات. سارت الخطّة بشكل مدروس لإثارة النعرات الطائفية والعنصرية بوجه كل المحافظين على بقايا «الحياة» في جسد الأمة. وعاد شعار مقاومة «الفرس المجوس» بلغة أخرى وبتصريحات من هنا وهناك وكان آخرها تصريح شمعون بيريز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، إذ بيّن «أهمية»! موقف «إسرائيل»! من ضرب حزب الله قائلاً: إن حزب الله يشكل تهديداً للعرب السنّة!! في المنطقة. وفي نفس السياق أيضا يتجه الحديث عن إيران الإسلام التي وضعت كل إمكانياتها للدفاع عن قضية العرب الاولى.. وهي القضية الفلسطينية، بأن النشاط النووي الإيراني يشكل تهديداً للعرب وللمنطقة!! وفي نفس السياق أيضا يتجه الحديث عن تدخل إيراني في العراق لإحداث انفجارات!! وإثارة فتن طائفية، بينما يفهم كل من له أدنى خبرة بالساحة العراقية أن الجمهورية الإسلامية وضعت منذ اللحظة الأولى لسقوط نظام صدام أمام عينيها هدفين: الاولى – المحافظة على الوحدة الوطنية. والثاني – استقرار العراق باعتباره السبيل الوحيد للتخلص من الاحتلال. وهذان الهدفان – إضافة لارتباطهما بالإيمان المبدئي للجمهورية الإسلامية – لهما علاقة شديدة بمصالح إيران السياسية والأمنية. هذه وآلاف الظواهر الأخرى تدلّ على خطة شاملة أعدّت لهذه الأمة كي تصدّها عن عملية «الإحياء» و«الاستنهاض» و«استئناف المسيرة الحضارية». وفي وسط هذا الجوّ المدلهمّ سطح نور قويّ في لبنان، يقاوم الطغيان، ويُحبط كيدَ الشيطان، ويلقف ما يأفكون. ظهرت وحدة بين السنة والشيعة في العالم الإسلامي ليس لها نظير، وبرزت روح الصمود والمقاومة في لبنان بل وفي الشارع العربي والإسلامي بصورة مدهشة، وتدفقت المشاعر الإنسانية في الساحة العالمية تجاه قضية «الإنسان» اللبناني والفلسطيني بدرجة أربكت الصهاينة المجرمين. وهذه كلها ظواهر تشير إلى تحوّل ثقافي كبير لابدّ أن ينتهى – إذا أحسنّا التعامل معه – إلى إنتاج مشروعنا الحضاري المرتقب. لأن إنتاج هذا المشروع كان ينقصه الشعور العام بالعزّة والكرامة والهويّة، وقد أوجدته المقامة اللبنانية بقوّة. وبقي علينا مواصلة الطريق.. محمود محمدي عراقي
|
مقالات أخرى من هذا الموضوع |
• تحليل ثقافي من العراق لأحداث لبنان
(بازدید: 690)
(نویسنده: محمد مهدي الآصفي)
• انتصار لبنان.. حضارياً
(بازدید: 979)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• تحليل ثقافي من العراق لأحداث لبنان
(بازدید: 641)
(نویسنده: محمد مهدي الآصفي)
• ظاهرة الإسلاموفوبيا قراءة تحليلية
(بازدید: 913)
(نویسنده: خالد سليمان)
• مصير العالم الإسلامي
(بازدید: 1350)
(نویسنده: الدكتور مصطفى شريف)
• الإسلام و التعاون الإقليمي والدولي
(بازدید: 1010)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• العلاقات بين تونس و ايران عبر التاريخ
(بازدید: 1326)
(نویسنده: عثمان العكاك)
• بعد مرور ٧ قرون على مولده أسفار ابن بطوطة مازالت حديث العالم
(بازدید: 2397)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• تونسيان يدافعان عن شخصيتين ايرانيتين
(بازدید: 1191)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• الأمة الإسلاميّة والقرن الجديد
(بازدید: 655)
(نویسنده: الدكتور محمد محمود صيام)
• الامة الاسلامية والقرن الجديد
(بازدید: 583)
(نویسنده: الدكتور محمد محمود صيام)
• النظام العالمي الجديد و العالم الإسلامي
(بازدید: 5381)
(نویسنده: الدكتور سعيد عبد اللّه المهيري)
• النظام العالمي الجديد والعالم الاسلامي
(بازدید: 1187)
(نویسنده: الدكتور سعيد عبد اللّه المهيري)
• السير في الارض عند المسلمين - ابن بطوطة في إيران نموذجا
(بازدید: 1180)
(نویسنده: الشيخ واعظ زاده الخراساني)
• نحن و دولة الإسلام في إيران
(بازدید: 849)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• نحن و النظام الدولي الجديد
(بازدید: 884)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
|