banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

العلل النفسية والخصومات
ثقافة التقريب - العدد 2

الشيخ محمّد الغزالي
1428

• أكثر الخلافات والخصومات مظهر للعلل النفسية • الإيمان يمنح الإنسان جيشاً يحارب معه • اغتصاب إرادة الجماهير أمر لا يستحق التفكير لكن الذي يستحق الاهتمام والتفكير القول بأن الكلب الأسود يقطع الصلاة! • إن الإسلام لن يحكم إذا كان هؤلاء العميان قادته والمتحدثين باسمه.
إن كثيراً من الخصومات الفكرية القديمة في علم الكلام كان مظهراً للعلل النفسية أكثر مما هو خدمة للإسلام.
وقد رأيت ناساً من هذا الصنف يعملون في الميدان الديني، نجحوا في الهدم ولم ينجحوا في البناء، وقطعوا الطريق على أناس صالحين، وفشلوا في إرشاد نفس حائرة.
ذكرت هؤلاء المعلولين من الناس وأنا أقرأ كلمة جيدة للأستاذ مصطفى أمين يقول فيها:
"عرفت جبناء يخافون من أشباحهم ويرتعدون رعباً إذا رأوا فأراً يجلس على كرسي، وتسيب مفاصلهم أمام غضب عمدة أو تهديد مأمور!
وعرفت شجعاناً تطول قامتهم أمام العواصف. يثبتون في مواجهة الأعاصير. يذهبون إلى الموت وكأنهم يذهبون إلى حفلة شاي!
وكنت ألاحظ أن الجبان لا يؤمن إلاّ بنفسه. إلهه في داخله. يتعبد له ويصلي له ولا يشرك به أبداً. ولهذا فهو خائف على رزقه، وخائف على وظيفته، وخائف على حياته. يعيش طوال حياته خائفاً من كل شيء، لا يطمئن إلى شيء ولا يثق بشيء. ولهذا فهو يرى الجبن هو المخبأ الذي يتحصّن فيه من أخطار الحياة!
ولم أرَ في حياتي جباناً وصل إلى المقدمة. لا بدّ أن يتعلّق بذيل صاحب سلطة، أو صاحب جاه.
وهو ليست لديه الشجاعة أن يتقدم خطوة، فهو إذا قدّم ساقاً أخّر ساقاً، ولهذا يبقى في مكانه طويلاً.
وإذا دفعته الأيام إلى الأمام عاش صغيراً في المكان الكبير، وتصرّف كما يتصرّف الصغار. يدسّ ولا يواجه. يضرب من الخلف ولا يقاتل من أمام. يهمس ولا يرفع صوتاً. لأنه أجبن من أن يعلنَ رأيه. وهو في أغلب الأحيان لا رأي له، فهو يقبل على الشمس إذا أشرقت ويدير لها ظهره إذا غربت.
وخوفه يجعله يتضاءل. يرى خصومه يكبرون ويتعاظمون. ولو كان شجاعاً لرأى الناس بأحجامهم الحقيقية، وهو له قامة تساوي قامة الناس، ولكن في داخله دودة الجبن التي تجعله يحسّ أنه دودة صغيرة ولهذا يتضاءل ويصغر وينكمش...
والشجاع لا يخاف إلاّ الله. إذا حارب حارب في النور، وإذا آمن برأي أعلنه ولم يكتمه، وإذا اعتنق عقيدة قاتل من أجلها.
والذين في قلوبهم الإيمان يشعرون بقوة هائلة، تقتحم الأهوال، وتواجه الأعاصير، وتحتمل المحن والخطوب. والإيمان يصنع من القزم عملاقاً، والجبن يحوّل العملاق إلى قزم صغير! الإيمان يمنح الإنسان جيشاً يحارب معه. والجبن يجرّد الإنسان من كلّ سلاح، فيستسلم قبل أن يدخل المعركة، ويرفع الراية البيضاء عندما تطلق الرصاصة الأولى".
إن أمراض القلوب شيء بالغ العفن، وهي بين المشتغلين بالقضايا الدينية قذى لا يطاق!!
وقد تخصص هؤلاء في الشؤون الخيالية، والنواحي الجانبية. أما قضايا الأمة الكبرى فلا اكتراث بها.
إنّ تزوير انتخابات واغتصاب إرادة الجماهير شيء لا يستحق التفكير الطويل!
إن سرقة ثروة بلد وتبديدها في ملذات فرد شيء لا يستحق التفكير الطويل!
إذن ما الذي يستحق التفكير؟ وتُحمل راية الجهاد من أجله؟ القول بنجاسة ريق الكلب وَعَرقه. القول بأن الكلب الأسود شيطان يقطع الصلاة!! ولو كان هؤلاء الناس موجودين مع فتية أهل الكهف لاشتبكوا معهم في معركة حامية: لماذا يصحبون معهم كلباً؟!
ولا يزعجنا شيء كانتقال هذه الغباوة إلى بعض المتعلمين في شتى العواصم!
مزيج من الجهالة والكبرياء أساسه الانشغال بلا شيء والذهول عن أهم شيء.
وهؤلاء المرضى المعتوهون يفهمون في المرويات فهماً ما، ثم يقولون: هذا هو النص! ما نراه نحن هو رأي الله ورسوله، أي حكم الله ورسوله!
ومعنى ذلك أنك حين تقاومهم تقاوم الإسلام نفسه وتحارب الله ورسوله. وهذا هو البلاء المبين..
ونقول جادين: إن الإسلام لن يحكم، ولا يجوز له أن يحكم إذا كان هؤلاء العميان قادة قافلته والمتحدثين باسمه، فإن أمراضهم النفسية والفكرية تمحق دين الله ودنيا الناس على حدّ سواء.
الإسلام نور وهؤلاء ظُلمة، إنه طُهرٌ وهؤلاء قذى!! إن المسلم الحقيقي رجل سويّ التكوين الفكري والخلقي، معافى من الأدواء التي تجرّ التخلف والانحلال.

مقالات أخرى من هذا الكاتب
• آفتان في المتعصبين   (بازدید: 2170)   (موضوع: )
• بين الفروع و الأصول   (بازدید: 837)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• المرأة المسلمة والتحديات العالمية من خلال بعض الاتفاقيات الدولية   (بازدید: 2732)   (نویسنده: محمد علي التسخيري)
• المرأة في المشروع الإسلامي المعاصر   (بازدید: 2651)   (نویسنده: زكي الميلاد)
• توصيات مؤتمر المرأة المسلمة في المجتمعات المعاصرة   (بازدید: 4194)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• جلال الدين الرومي وآثاره العربيّة   (بازدید: 6849)   (نویسنده: فرح ناز رفعت جو)
• في أجواء نداء الحج لعام 1428هـ   (بازدید: 2882)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• قيمة الجمال في تداولها الإسلامي   (بازدید: 3253)   (نویسنده: عبد المجيد الصغير)
• منهج البيروني في دراسة الأديان   (بازدید: 4255)   (نویسنده: علي بن مبارك)
• ميتا - استراتيجيا المقاومة التبصُّر الخُلُقي نموذجًا   (بازدید: 2147)   (نویسنده: محمود حيدر)
• أزمة التخلف الحضاري و انعكاساتها على وضع المرأة المسلمة في عصرنا الراهن   (بازدید: 4151)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• أزمة الحوار الإسلامي   (بازدید: 1352)   (نویسنده: زكي الميلاد)
• أزمة الحوار السني - الشيعي   (بازدید: 4058)   (نویسنده: زكي الميلاد)
• إشكالية المرجعية في تقرير التنمية الإنسانية   (بازدید: 1214)   (نویسنده: خالد سليمان)
• آفتان في المتعصبين   (بازدید: 2170)   (نویسنده: الشيخ محمّد الغزالي)
• إنما المؤمنون إخوة   (بازدید: 1819)   (نویسنده: محمد حلمي عيسى باشا)
• أيها المسلمون.. ثقوا بأنفسكم دعوة لا تزال حيّة   (بازدید: 1639)   (نویسنده: عبدالمجيد سليم)
• الإرهاب الصهيوني فكرًا وممارسة   (بازدید: 1023)   (نویسنده: أسعد السحمراني)
• الإمام علي بن أبي طالب والتقريب بين المذاهب   (بازدید: 1061)   (نویسنده: الدکتور عبدالمتعال الصعيدي)
• الانسجام الإسلامي   (بازدید: 1540)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• التحديات الراهنة كيف نواجهها   (بازدید: 843)   (نویسنده: الشيخ محمود محمدي عراقي)
• التشريع وكرامة الإنسان   (بازدید: 888)   (نویسنده: سيد موسى الصدر)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]