banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

التعايش الاخوي العربي الايراني

الوحدة الإسلامية
السيد محمّد باقر الحكيم


محمد باقر الصدر
تجسيد لقيَم الإسلام
• أصبح الإيرانيون والعرب بعد الفتح الإسلامي أمة واحدة وأصبحوا بنعمة الله إخوانا • نظام الولاء وفّر فرصة زوال الفواصل بين القبائل العربية والمسلمين الجدد •الخراسانيون من العرب والإيرانيين تعاونوا للقضاء على الحكم العنصري المتعصّب • الحركات العنصرية قضى عليها الإيرانيون بأنفسهم
• مصر تعتبر من أهم مراكز التعايش العربي الإيراني .
كانت إيران قبل الإسلام إمبراطورية تتلخص حركتها في تحقيق أهداف توسعية تسلطية شأنها شأن كل القوى المتجبّرة الجاهلية، وكان العرب ممن اكتووا بنار هذه الأهداف، نلاحظ ذلك في علاقة كسرى بملوك المناذرة في الحيرة، فما إن ساءت العلاقات بين كسرى برويز والنعمان أبي قابوس حتى قضى كسرى على دولة المناذرة رغم ما أسداه عرب الحيرة من خدمات للبلاط الإيراني الكسروي في فتح مصر وفي صدّ اليونانيين. كما أن الوثائق تذكر نزاع الإيرانيين والعرب حول حصن الضيزن على شاطئ الفرات وتحدثنا الوثائق عن صراع دموي حدث بين الإيرانيين والعرب في عصر سابور الثاني (309-379م) إذ أغارت القبائل العربية على أطراف مملكته فانتقم سابور منها وأسكن أسراها في كرمان وأهواز ومناطق أخرى من أرض إيران ويقال إن سابور هذا كان ينزع أكتاف رؤساء القبائل العربية فسماه العرب ذا الأكتاف.
ولا تذكر الوثائق التاريخية عن تعايش سلمي بين العرب والإيرانيين قبل الإسلام سوى ما حدث في اليمن، إذ دخلها الإيرانيون ليخلّصوا اليمنيين من الأحباش، فاستوطنوا فيها وتعايشوا مع أهل اليمن، وربما يعود هذا التعايش السلمي إلى بُعد اليمن عن السيطرة الكسروية المباشرة.
أما بعد الفتح الإسلامي فقد أصبح العرب والإيرانيون أمة واحدة وأصبحوا بنعمة الله أخوانا، وسجل التاريخ صفحات رائعة من التآخي العربي الإيراني، هي بحق من أروع صفحات عطاء الدين في إنقاذ الشعوب من النزاعات الدموية ومن الروح التسلطية المتفرعنة، ويحتاج استعراض هذه الصور الرائعة إلى دراسة مستقلة فأكتفي بذكر بعض اللقطات منها:
هاجرت القبائل العربية إلى شرق العالم الإسلامي فتوطنت مع الإيرانيين في العراق وإيران وكانت الهجرة كثيفة بشكل خاص إلى خراسان الكبرى. وكانت اللغة السائدة في العراق العربية ومعها الفارسية، والسائدة في إيران الفارسية ومعها العربية. وعلى أثر التزاوج والتعايش نشأ أبناء العرب في إيران على اللغة الفارسية، ولم يمض جيلان حتى تعذر التمييز بين العرب والإيرانيين في اللغة والملبس والعادات والتقاليد.
وهناك من يحاول أن يتخذ من قضية الموالي والتعامل العربي معهم موضوعات للطعن في التعايش الأخوي بين الإيرانيين والعرب. والواقع إن نظام الولاء وفّر فرصة زوال الفواصل بين القبائل العربية والمسلمين الجدد، حيث أصبح الموالي جزء من هذه القبائل يتمتعون بكل ما توفره القبيلة لأبنائها من حماية سياسية واقتصادية واجتماعية. ثم إن الحديث عن الموالي على أنهم فئة اجتماعية واحدة فيه الكثير من المجازفة والتبسيط المخل كما يقول الدكتور الدوري. لان الموالي لم يكونوا فئة واحدة، فمنهم الكتاب والوزراء، ثم منهم الفقهاء والعلماء ولهؤلاء منزلة عالية، ومنهم التجار، وأثرهم كبير في الحياة الاجتماعية، كما أن منهم الصناع والفلاحين، وكان ينظر إلى هذه الفئة الأخيرة نظرة متواضعة.
والواقع أن التاريخ احتفظ لنا بصور من الاهانات التي نزلت بالموالي وخاصة في العصر الأموي حتى أن الجزية فرضت على المسلمين منهم في فترة من فترات الحكم الأموي، ولكن هذا لم يخلّ بالتعايش السلمي بين الإيرانيين والعرب فكلاهما كان متبرماً بظلم الأمويين وساخطاً عليهم، كما أن العرب دافعوا عن الإيرانيين تجاه ما أنزله بهم بعض الولاة العرب المتعصبين من ظلم وتمييز عنصري، ثم إن الخراسانيين عرباً وإيرانيين تعاونوا في القضاء على الحكم الأموي واستئصال شأفته.
جدير بالذكر أن القوميين المتعصبين من العرب والإيرانيين يحاولون أن يركزوا على بعض الحركات القومية الإيرانية التي شهدها التاريخ مثل حركة "به آفرين" و"سنباد" و"بابك الخرمي" و"مازيار" ليثبتوا تفوق العنصر القومي لدى الإيرانيين على الروح الدينية. ولكن كل الوثائق التاريخية تشهد خلاف ذلك، ففي كل أمة شواذ، ولا أدّل على شذوذ هؤلاء من انزوائهم عن الأمة وتحوّلهم إلى لصوص وقطاع طرق ومجرمين، حتى تم القضاء عليهم بيد القادة الإيرانيين أنفسهم من أمثال أبي مسلم والافشين.
ولا بأس من الإشارة إلى أن مصر تعتبر واحدة من أهم مناطق التعايش العربي ـ الإيراني، فالإيرانيون بعد الإسلام شاركوا في فتح مصر من اليمن، ثم كانوا يشكلون نسبة كبيرة من الجيش الذي تعقّب مروان آخر الخلفاء الأمويين إلى هذا البلد، وعند القضاء على الأمويين سكن كثير من الإيرانيين في مصر، وتعايشوا مع المصريين حتى أن أهل مصر كانوا يرجعون في عصر إلى الفقيه الإيراني الليث بن سعد.

مقالات أخرى من هذا الكاتب
• الاختلاف و الوحدة في نظر القرآن الكريم «القسم الثاني»   (بازدید: 777)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• التفسير الموضوعي   (بازدید: 644)   (موضوع: قرآن)
• العالمية الخاتمية الخلود   (بازدید: 802)   (موضوع: فكر إسلامي)
• القصص القرآني   (بازدید: 1503)   (موضوع: قرآن)
• القصص القرآني - القسم الثاني   (بازدید: 1226)   (موضوع: قرآن)
• القصص القرآني - القسم الخامس -   (بازدید: 751)   (موضوع: قرآن)
• القصص القرآني - القسم الرابع   (بازدید: 831)   (موضوع: قرآن)
• القصص القرآني - القسم السابع   (بازدید: 1531)   (موضوع: قرآن)
• المجتمع الإنساني في القرآن الكريم - ٥   (بازدید: 748)   (موضوع: قرآن)
• المجتمع الإنساني في القرآن الكريم ٦   (بازدید: 1089)   (موضوع: قرآن)
• المجتمع الانساني في القرآن الكريم - ٣   (بازدید: 1095)   (موضوع: قرآن)
• المجتمع الانساني في القرآن الكريم [٢]   (بازدید: 1046)   (موضوع: قرآن)
• الوحدة الإسلاميّة من منظور الثقلين   (بازدید: 1029)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الوحدة الإسلاميّة من منظور حضاري   (بازدید: 705)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• الوحدة الدينية الخاتمة   (بازدید: 1045)   (موضوع: الوحدة الإسلامية)
• فهم الاسلام و عرضه و الدعوة إليه   (بازدید: 653)   (موضوع: فكر إسلامي)

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• كلمة لابدّ منها   (بازدید: 1040)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• العالم الاسلامي و أسئلة النهضة   (بازدید: 989)   (نویسنده: عبد الله القمي)
• سبيل اخراج الامة   (بازدید: 725)   (نویسنده: محسن عبد الحميد)
• قيم التضامن و التكافل في التراث العربي و الإسلامي و أبعادها الإنسانية   (بازدید: 1162)   (نویسنده: محمد قجة)
• أفكار حول التقريب و الوحدة   (بازدید: 1243)   (نویسنده: محمد علي التسخيري)
• أهل البيت المرجع بعد الرسول - صلى الله عليه و آله -   (بازدید: 811)   (نویسنده: الشيخ جعفر السبحاني)
• الصراع الإسلامي - الصهيوني أحد محاور الوحدة الإسلاميّة \ بقلم التحرير   (بازدید: 1023)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• المذاهب الإسلاميّة الخمسة: تاريخ وتوثيق   (بازدید: 2039)   (نویسنده: نبيل علي صالح)
• المصلحة الإسلاميّة في منهج أئمة أهل البيت   (بازدید: 867)   (نویسنده: شهاب الدين الحسيني)
• الوحدة الدينية الخاتمة   (بازدید: 1045)   (نویسنده: السيد محمّد باقر الحكيم)
• دعاة تقريب نعم   (بازدید: 823)   (نویسنده: علي المؤمن)
• الحب و التقريب   (بازدید: 921)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• السنن الحَسنة   (بازدید: 907)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• أمة إسلامية واحدة   (بازدید: 839)   (نویسنده: الدكتور محمود حمدى زقزوق)
• تجربة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة   (بازدید: 905)   (نویسنده: فهمي هويدي)
• تكريم روّاد التقريب   (بازدید: 875)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• دور العصبيات في إضعاف الكيان الاسلامي   (بازدید: 1250)   (نویسنده: عبد الكريم آل نجف)
• رأي في التقريب   (بازدید: 852)   (نویسنده: الشيخ عبدالله العلايلي)
• علاج الحواجز النفسية للتقريب بين المذاهب الاسلامية عند الشهيد الصدر   (بازدید: 1028)   (نویسنده: الشيخ محمد رضا النعماني)
• فرصة عظيمة و لكنها مهددة   (بازدید: 918)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]