banner
مساحة «للتعارف» بين الإیرانيين و العرب
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
  کلمات   جمل   تعليقات      

انتشار الرسوم المسيئة لشخصية برؤية ثقافية حضارية رسول الاسلام (ص)
ثقافتنا - العدد 9
دراسات حضارية
الشيخ محمود محمدي عراقي
1427

رسالة رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية
إلى الامين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
معالي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو حفظه الله
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرة أخرى تعمد القوى المعادية للإسلام إلى إهانة مقدّسات المسلمين وجرح عواطفهم والاعتداء على كرامتهم.
وقراءتنا نحن لهذا الحدث وما يشابهه من أحداث إنّما هو لجسّ نبض الأمة الإسلاميّة ليُرى مافيها من حَياة.
الخطّة المرسومة للعالم الإسلامي منذ قرون تتجه نحو إفراغ مافي هذه المجموعة الحضارية من مقوّمات الحياة لتكون بعد ذلك طوع يد الطامعين الدوليين.
كلّ ما فعله المستعمرون في البلاد الاسلاميّة ابتداء من الغزو العسكري ومروراً بالغزو الثقافي وعمليات مسخ الهويّة، وزرع الكيان الصهيوني في قلب الارض الاسلاميّة، وإلاهانات المستمرة الموجّهة إلى الاسلام والمسلمين، وانتهاء بعمليات الاذلال التي تمارسها أمريكا اليوم بحقّ المسلمين، كلّها تتجه نحو إماتة الجسد الإسلامي وتحويله إلى جثّة هامدة لاحراك فيها ولا قدرة لها للدفاع عن نفسها.
وبين مدّة وأخرى تعمد هذه القوى المعادية إلى اختبار نتيجة نشاطاتها، فتمسّ مشاعر المسلمين وتهين مقدساتهم.
ومع أنهم في كل مرّة يرون انتفاض مظاهر الحياة في الأمة بصورة تدفعهم إلى الندم، ولكنهم لا ييأسون بل يُعيدون الكرّةَ بعد الكرّة.
لا تأتي أعمال الإهانة هذه – في اعتقادنا – في سياق صراع الحضارات، لأن الحضارات بطبيعتها «تتعارف» ولا تتصارع. وهذه المواقف العدوانية المشهودة في الغرب اليوم تجاه الاسلام والمسلمين، ليس إفرازاً حضارياً، بل هو من مظاهر الردّة الحضارية في الغرب، إنه من مظاهر انهيار هذه الحضارة كما تنبّأ بذلك من قبل شبلنجر وتويمبي وأمثالهما، إنها حشرجة الموت الذي ينتاب هذه الحضارة التي دفعتها الروح المادية المستفحلة إلى الاستهانة بكل القيم الانسانية، بل بكل القيم الايجابية التي قامت على أساسها الحضارة الغربية نفسها.
كما أننا لا ننظر إلى هذه التصرّفات بأنها تأتي في سياق الصراع بين الأديان، لأن الأديان جميعاً تدعو إلى حلّ عقد العدوان في نفوس البشر، والى التآخي بين الناس، وتاريخنا الإسلامي يشهد على ما كان بين المسلمين وأصحاب الاديان الأخرى من تعايش وتعاون في إطار الحضارة الإسلامية.
مما تقدّم نرى أن واجب المسلمين اليوم أمام هذا اللون من العدوان على المقدّسات:
أولاً – أن يثبتوا لأعدائهم مافيهم من قوّة حياة وإرادة وعزم على ردّ العدوان والدفاع عن المقدسات وتأديب المعتدين وإرغامهم على التراجع والاعتذار، خاصة بالأساليب التي تفهمها المحاسبات المادية الغربية وعلى رأسها المقاطعة الاقتصادية.
ثانياً – تنوير الرأي العام العالمي عامّة والرأي العام الاوربي والأمريكي بشكل خاص حول ما تندفع اليه حضارتهم من انحطاط وروح عدوانيّة، ودعوة المفكرين والفلاسفة والعلماء منهم لكي يتخذوا الموقف المناسب لانقاذ أنفسهم والعالم أجمع من هذا الانحطاط الخلقي الذي تنحدر اليه الحضارة الغربية، بسبب طغيان الروح المادية فيها، وما يؤدي اليه من عدوان على الشعوب وعلى المقدسات وعلى القيم الانسانية.
ثالثاً – استثمار هذه الفرصة وأمثالها لتحذير الشعوب الغربية من الصهيونية العالمية التي تجرّ العالم عامّة والغرب وأمريكا بشكل خاص إلى اتخاذ مواقف معاديةللاسلام والمسلمين، والى خلق صراع مستمر في الساحة العالمية، بغية تحقيق مآربها التوسعيّة والتسلّطية على العالم.
الصهيونية العالمية اليوم تعمل بوضوح لجرّ الغرب وأمريكا لاتخاذ مواقف معادية من المسلمين في فلسطين وفي العراق وفي قضية الملف النووي في الجمهورية الإسلامية الايرانية، وفي جميع قضايا العالم الإسلامي.
معالي الامين العام
إننا في رابطة الثقافة والعلاقات الثقافية الإسلامية نرى أنّ طبيعة الضجة ضد الاسلام والمسلمين هي بالدرجة الاولى ثقافية. ومن هنا نرى أن الفرصة مواتية للمسلمين عامة ممثَّلين في منظمة المؤتمر الإسلامي للاعلان بقوّة وصلابة:
* أن العالم الإسلامي حيٌّ يريد بكل إصرار أن يستعيد مكانته العالميّة، وأن يستأنف مسيرته الحضارية، ولن تقف بوجهه عمليات الاذلال ولا عمليات صدّ تقدّمه التقني والعلمي في جميع المجالات الحيويّة السلميّة.
* أن المسلمين – رغم ما فُرض عليهم من تخلّف – ينطوون على ثقافة تأبى عليهم الانصياع للظلم والإهانة وانتهاك الحرمات.
* أن العالم الإسلامي يشكّل دائرة حضارية واحدة، ولذلك فانه يهبّ مثل رجل واحد من طنجة إلى جاكارتا للدفاع عن مقدسات دينه ومقدسات كل الأديان الالهية الاخرى .
* أن خطاب العالم الإسلامي حضاريّ لا يعادي حضارة ولا ديناً، بل يحترم الآخر وينفتح عليه إذا لم يكن ذلك الآخر عدوانياً. وهذه حقيقة فهمها الواعون في الغرب وأمريكا من الذين يقفون اليوم مدافعين عن قضايا المسلمين، ومندّدين بالعدوان وباهانة مقدسات المسلمين.
إن العالم الإسلامي اليوم يشهد تعاليه على التجزئة الطائفية والقومية والاقليمية والسياسية وارتفاعه إلى مستوى الدفاع عن كرامته المجروحة، بقوّة وصلابة. فلتكن هذه فرصة لرأب الصدع الداخلي ودرء العدوان الخارجي.
إننا إذ نشكر لكم مواقفكم الرسالية الملتزمة المتزنة تجاه الحوادث الاخيرة نطلب منكم مواصلة السعي لعقد اجتماعات إسلامية طارئة على أعلى المستويات، كما نطلب من منظمة المؤتمر الإسلامي العمل على صدور تشريع دولي يحظر الاساءة إلى المقدسات الدينية عامة، والاسلام الذي تتوجه اليه السهام هذه الأيام بشكل خاص.
وبالله التوفيق وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.
أخوكم
محمود محمدي عراقي
رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية

مقالات أخرى من هذا الكاتب
• ابن ميثم البحراني وعصره   (بازدید: 1085)   (موضوع: شخصيات)
• التحديات الراهنة كيف نواجهها   (بازدید: 843)   (موضوع: )
• التفاعل الحضاري في التاريخ الإسلامي - ايران نموذجاً   (بازدید: 1558)   (موضوع: دراسات حضارية)
• الجمع بين الاصالة والمعاصرة   (بازدید: 1840)   (موضوع: دراسات حضارية)
• الحداثة   (بازدید: 698)   (موضوع: فكر إسلامي)
• وثائق / برنامج التعاون المشترك   (بازدید: 1132)   (موضوع: ملتقيات)

مقالات أخرى من هذا الموضوع
• التغيير الإسلامي في إيران من منظور حضاري   (بازدید: 1098)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• تعليم العربية لغير الناطقين بها وسيلة حوار بين الحضارات   (بازدید: 1706)   (نویسنده: محمد الجعيدي)
• دور زينب بنت علي في مسيرة الحضارة الاسلامية   (بازدید: 1727)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• عاشوراء بمنظار حضاري   (بازدید: 1463)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• عبدالرحمن الكواكبي من روّاد الاستنهاض الحضاري   (بازدید: 1350)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مالك بن نبي والإنسان ومسار الحضارة   (بازدید: 1464)   (نویسنده: أسعد السحمراني)
• محمد إقبال وتجديد التفكير الديني في الاسلام   (بازدید: 2349)   (نویسنده: زكي الميلاد)
• مسألة «المهدي المنتظر» برؤية حضارية   (بازدید: 1137)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مشروع الكواكبي اجتماعياً وتربوياً   (بازدید: 1312)   (نویسنده: محمد قجة)
• نحو فهم حضاري لتاريخنا الإسلامي معركة الطف نموذجًا   (بازدید: 1038)   (نویسنده: محمد مهدي الآصفي)
• الثقافة بين التخلف والتخلق   (بازدید: 1088)   (نویسنده: الدكتور خالد زهري)
• الثقافة والحضارة   (بازدید: 2449)   (نویسنده: زكي الميلاد)
• الجمع بين الاصالة والمعاصرة   (بازدید: 1840)   (نویسنده: الشيخ محمود محمدي عراقي)
• الحضارة والتفاعل الحضاري   (بازدید: 1183)   (نویسنده: عبد الله الفريجي)
• تحديات تأهيل العقل المسلم في المشروع الحضاري   (بازدید: 932)   (نویسنده: الدكتور عبدالناصر موسى أبوالبصل)
• رؤية السيد الشهيد الصدر لمسألة التنمية   (بازدید: 1452)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• مستقبل الإسلام في ضوء التحديات الراهنة   (بازدید: 1432)   (نویسنده: حسن حنفي)
• وسطية الحضارة الإسلامية   (بازدید: 847)   (نویسنده: أحمد الطيب)
• ابن المقفع بين حضارتين دراسة فكرية نقدية و أدبية   (بازدید: 2055)   (نویسنده: حسين علي جمعة)
• اعلان طهران حول الحوار بين الحضارات   (بازدید: 1019)   (نویسنده: محمّد علي آذرشب)

التعليقات
الاسم:
البريد الالکتروني:
العنوان:
التعليق:
ثبت
[ Web design by Abadis ]