المصلحة الإسلاميّة في منهج أئمة أهل البيت
|
رسالة التقريب - العدد ٣٣
الوحدة الإسلامية
شهاب الدين الحسيني
1423
موقف الإمام الحسن - عليه السلام - من معاوية من نقاط الاشتراك بين السنة والشيعة وبقية المذاهب أن الحسن - عليه السلام - اختير خليفة من قبل خيار الصحابة والتابعين، وبهذا الاختيار وجب طاعته من قبل جميع المسلمين وفي جميع الأمصار، وكل من رفض طاعته يعتبر عاصيا شاقا لوحدة المسلمين، ويجب على المسلمين إعادته للطاعة، وقد تمرد معاوية على خلافة الإمام فجهز الإمام جيشا لا عادته للطاعة، وللحفاظ على وحدة الدولة؛ لكي لا تتمزق إلى دولتين: الأولى في العراق والثانية في الشام، ولكن الظروف لم تساعد على إخماد التمرد، وقد تبدلت لتكون في صالح معاوية، أو على الأقل استمرار القتال دون حسم لصالح القضية الإسلاميّة الكبرى، وقد وجد الإمام الحسن - عليه السلام - في إيقاف القتال والقبول بالصلح مصلحة عليا للإسلام وللمسلمين ووحدة الدولة والأمة الإسلاميّة فأثر الصلح لأنه المسنجم مع المصلحة العليا والوحدة الإسلاميّة وأهم مصاديق المصلحة العليا: (٢٠٠) أولاً: وحدة الدولة والأمة قال الإمام الحسن - عليه السلام - : «إلاّ وان ماتكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة». فالقتال، وحسب الظروف، لم يكن في صالح الدولة التي يقودها الإمام؛ لأن استمراره سيؤدي إلى اراقة الدماء دون حسم، أو توافق، ولكن المستفيد هو القوة المتمردة التي ستستولي على الدولة دون قيود وشروط، أو يؤدي القتال إلى ضعف القوتين، وبالتالي تحرك الدول الكافرة لحسم الموقف لصالحها، أو قيام دولتين ضعيفتين، وفي جميع الأحوال فإن الأمر يؤدي إلى ضعف الدولة والوجود الإسلامي، وكلاهما خسارة فادحة. ثانياً: حقن الدماء قال الإمام - عليه السلام - : «وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلاّ إصلاحكم وبقاءكم» [١]. وقال أيضاً: «أن معاوية نازعني حقا هو لي، فتركته لصلاح الأمة، وحقن دمائها … ورأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، وأردت صلاحكم وان يكون ما وصفت حجة على من كان يتمنى هذا الأمر» [٢]. وقد كانت شروط الصلح مصداقا من مصاديق المصلحة الإسلاميّة العليا؛ حيث جاء فيها: «أن الناس آمون حيث كانوا من أرض الله، في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم، وعلى أن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم» [٣]. والصلح مقدمة للحفاظ على الصفوة الخيرة من المصلحين والمغيرين، وعلى الحفاظ على حياة الواعين إلى الدين والرسالة، وهذا هو الظاهر من كلام الإمام - عليه السلام - حيث يقول: «إني خشيت أن يجتث المسلمون عن وجه الأرض، فأردت أن يكون للدين ناعي» [٤]. وقال لحجر بن عدي: «ليس كل الناس يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك وما (٢٠١) فعلت إلاّ إبقاء عليك» [٥]. ومن يتابع الأحداث يجد أن أوضاع المسلمين الداخلية قد هدأت وأن المسلمين قد كانوا أحرارا أكثر من عشر سنين، وقد كان معاوية يستجيب لمطالب الإمام الحسن - عليه السلام - في الإعفاء عن هذا الشخص أو ذاك، وهو الظاهر من الوقائع التاريخية [٦]. ولم يقدم نظام معاوية على قتل أحد إلاّ بعد رحيل الإمام الحسن إلى الملأ الأعلى، أما في حياته فلن يتجرأ على قتل أو سجن أحد من المعارضين، وخصوصا من الشيعة أنصار الإمام. ورفض الإمام الاستجابة لطلب معاوية في قتال الخوارج، موضحا سياسته في التعامل مع الوجودات الإسلاميّة المخالفة له، ومبيتا المصلحة وراء صلحه، ومما قاله: «لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فاني تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها» [٧]. وفي رواية أخرى: «والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين»، وما أحسب ذلك يسعني، فكيف أن أقاتل قوما أنت أولى بالقتال منهم» [٨]. وفي جميع الأحوال والظروف فإن الصلح قد تم على أساس شروط وضعت على أساس خدمة الإسلام وأهدافه العليا الآنية والبعيدة، وخصوصا إذا تحولت إلى واقع ملموس وطبقت من قبل النظام الحاكم وتم الوفاء بها. موقف الإمام الحسين - عليه السلام - من معاوية تابع الإمام الحسين - عليه السلام - أخاه الإمام الحسن - عليه السلام - في صلحه مع معاوية، وطبقا للشروط الموضوعة، وقد هدأت الأوضاع الداخلية، وبقي الإمام الحسين - عليه السلام - على عهده لم يعارض معاوية إلاّ معارضة سلمية، ورفض جميع المطالب التي تدعوه إلى الخروج العسكري على حكومة معاوية، وكتب إلى من دعاء للثورة: «أني لأرجو أن يكون رأي أخي رحمه الله في الموادعة ورأيي في جهاد الظلمة (٢٠٢) رشدا وسداداً، فالصقوا بالأرض وأخفوا الشخص واكتموا الهوى واحترسوا من الاظاء مادام ابن هند حياً، فإن يحدث به حدث واناحي يأتكم رأيي أن شاء الله» [٩]. وكتب إلى معاوية كتاباً جاء فيه: «وما أردت لك محاربة، ولا عليك خلافاً»، وفي رواية أخرى: «أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر فيه انه انتهت إليك عني أمور، لم تكن تظنني بها، رغبة بي عنها، وأن الحسنات لا يهدى لها، ولا يسدد إليها إلاّ الله تعالى، وأما ما ذكرت أنّه رقى إليك عني، فإنما رقاه الملاقون المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حربا ولا خلافا …» [١٠]. لم يتخذ الامام أي موقف مسلح لأنه يخالف المصلحة الإسلاميّة العليا، لأن الموقف المسلح سيؤدي إلى قتله أو أسره، وستفقد الأمة علماً من أعلام الدين بحاجة إليه في تلك الظروف الحساسة، وسيسيطر معاوية على الحكم بدون مراقب ومعارض يوقف الانحرافات أو يصلح الأمور نحو الوضع الأفضل، فبقتله يخسر المسلمون القدوة الصالحة، ولهذا فليس من الصالح خروجه بالسيف ولا مصلحة في ذلك، ولهذا رفض الخروج المسلح، وأن وجد قاعدة مستعدة له، ورفض الثورة لمصلحة لا يعني السكوت امام الانحراف، فقد استمر الامام بمعارضته للنظام معارضة حقيقية ضاغطة، أوقفت كثيرا من الممارسات السلبية والانحرافات الواضحة المعالم، سواء كانت صادرة من رأس النظام أو من اجهرته التنفيذية، وقد عاش الامام هدنة حقيقية اراج فيها الأمة من شبح الحرب الداخلية التي لا تحقق نصرا على المدى القريب أو البعيد، وأوقف أرقة الدماء التي لا مصلحة في أراقتها في تلك المرحلة الزمنية التي حكمها معاوية. المرحلة الزمنية التي حكمها معاوية من ثوابت الشريعة والمنهج السياسي الإسلامي أن يكون الامام أو الخليفة أو (٢٠٣) الحاكم الإسلامي فقيها عادلا كفوءا في تدبير الأمور [١١]، وهذا الأمر محل اتفاق علماء الشيعة والسنة، وبالذات العدالة فإنها شرط أساسي، وخصوصا إذا كانت الأمة قادرة على الاعتراض وإبداء الرأي، وعلى هذا الأساس، فإن تولي الفاسق وتسلطه على رقاب المسلمين خلاف للمصلحة الإسلاميّة، لأنه لا يسعى لتقرير المفاهيم والقيم الصالحة في الواقع، ولا يكون المتولي حريصا على مصلحة الإسلام العليا، ومن هنا ينبغي عدم الركون لمثل هذا الحاكم وتبديله بغيره، والتبديل محل اتفاق جميع المسلمين، ولكنهم اختلفوا في أساليب التبديل والعزل من حيث تأثيراتها على الأوضاع العامة وخصوصا في مسألة أراقه الدماء. والإمام الحسين - عليه السلام - حينما قاد نهضته المباركة أراد تغيير المفاهيم والقيم الجاهلية التي سادت في عصره، وتغيير الحاكم الذي تولى الحكم عن طريق الإرهاب، وأعلن عن انحرافه عن الإسلام عقيدة، وعن الإسلام سلوكاً، وقد أعلن عن كفره صراحة حينما تمثل ببعض الآبيات ونفى فيها الوحي والتنزيل كما ورد في جملة من المصادر [١٢]. وقد صرح الامام بأنه نهض من اجل إصلاح الأوضاع والسير على نهج جده وأبيه، وأن نهضته فتح: «أما بعد فإنه من لحق بي منكم استشهد ومن تخلف لم يبلغ مبلغ الفتح» [١٣]. وكان لدم الامام الدور الأكبر في إيقاف انحراف الحاكم أو تحجيمه، حيث لم يستطع الاستمرار في تآمره على المنهج الإسلامي، وقد يصح القول؛ أن الحاكم لم يمنح الإمام أي فرصة لاتخاذ موقف آخر، فقد خيره بين البيعة وبين القتل. ومع هذا الموقف إلاّ أن المتتبع لحركة التاريخ يجد أن إعدادا كبيرة من الموالين إلى الإمام الحسين - عليه السلام - كانوا في مقدمة الجيش دفاعا عن الدولة وعن ثغور المسلمين. (٢٠٤) من سيرة الإمام علي بن الحسين - عليه السلام - على الرغم من اشتراك الجيش الأموي في قتل أبيه إلاّ أن هذه الواقعة لم تمنع الإمام من الانطلاق في آفاق المصلحة الإسلاميّة العليا، فقد عرف عنه انه كان يدعو للجيش بالنصر والظفر، لأن انتصاره سيكون انتصارا للإسلام لا لشخص الحاكم، وسيكون انتصارا للمفاهيم والقيم الإسلاميّة بتقريرها في واقع الشعوب المنضوية تحت لوائه. وقد اشتهر عنه انه أنقذ عبد الملك بن مروان من تهديدات ملك الروم، الذي استغل حاجة المسلمين إلى النقد لإذلالهم، فاقترح عليه خطة جديدة للنقد أنقذت المسلمين من التبعية الاقتصادية [١٤]. ومن مصاديق الانطلاق في آفاق المصلحة والوحدة الإسلاميّة أن الإمام لم يفكر باللجوء إلى دولة كافرة هروبا أو خلاصا من ظلم واضطهاد الأمويين. وفي علاقاته داخل المدينة كان لا ينقطع عن الأعمال والمشاريع العامة كصلاة الجماعة وصلاة الجمعة وصلاة العيدين [١٥]، فهو يتحرك في إطار المشتركات بينه وبين الآخرين، ويسعى لتوحيد الصفوف ولو ظاهراً من خلال المشاريع أو العبادات التي تؤدى جماعة. من سيرة الإمام محمد الباقر - عليه السلام - كان الإمام يوجه اتباعه وأنصاره إلى إقامة العلاقات مع المخالفين من اتباع السلطان، أو من اتباع المذاهب الأخرى، ومسايرتهم في نقاط الاختلاف، لكي تكون المظاهر واحدة لا توحي بالتمزق والتشتت، وكما يقول: «خالطوهم بالبرانية» [١٦]. وكان يدخل في حوار هادئ مع الفقهاء من مختلف المذاهب والاتجاهات للوصول إلى نقاط الاشتراك، والتوجه منها إلى العمل المشترك من أجل المصلحة الإسلاميّة العليا، وكانت له علاقات وثيقة معهم كعبد الله بن الأزرق وقتادة بن (٢٠٥) دعامة البصري وعبدالله بن معمر الليثي [١٧]. ومن أجل الحفاظ على سلامة العقيدة وسلامة العلاقات الاجتماعية والمذهبية، ومن أجل غلق الثغرات أمام المتربصين كان يحارب الغلاة الذين لا يحتمل هدايتهم ومنهم المغيرة بن سعيد العجلي [١٨]. وحينما شددت السلطات الأموية على حركة الإمام بملاحقة ومتابعة زائريه والداخلين عليه، كان ينهى بعضهم من الدخول عليه حفاظا عليهم، وأن كانوا يخالفونه في الرأي والفتوى، ومنهم الامام «أبو حنيفة»، وهو الذي يقول: «آتيته فسلمت عليه، فقعدت إليه فقال: «لا تقعد إلينا يا أخا العراق فأنكم قد نهيتم عن القعود إلينا» [١٩]. وكان يسدد الحاكم نحو الصلاح ويبدي نصائحه وتوجيهاته القيمة لكي تكون أفكاره وممارساته منسجمة مع الخط العام والأسس العامة للرسالة الإسلاميّة، وكان عمر بن عبد العزيز محط نظر الإمام لاستجابته للنصائح والإرشادات المنطلقة من الإمام ومن نصائحه قوله: «واتق الله عزّوجلّ يا عمر، وافتح الأبواب وسهل الحجاب وانصر المظلوم ورد المظالم …. ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان بالله، «فجثا عمر على ركبتيه ثم قال: آيه يا أهل بيت النبوة» فقال: يا عمر: من إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له» [٢٠]. وإيمانا من عمر بإخلاص الإمام وتقديمه للمصلحة العليا على غيره كان يبعث عليه ليستشيره في بعض أموره [٢١]. من سيرة الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - كان الإمام الصادق - عليه السلام - يحث أنصاره واتباعه على المشاركة في صلاة الجماعة والجمعة التي تقام من قبل الولاة حفاظا على الآلفة والأخوة، وتحقيقا للوحدة، وهي ممارسة العبادة جماعة فيقول: «من صلى معهم في الصف الأول (٢٠٦) كان كمن صلى خلف رسول الله - صلى الله عليه وآله - في الصف الأول» [٢٢]. وقال أيضاً: «ما من عبد يصلي في الوقت ويفرغ، ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء إلاّ كتب الله له خمسا وعشرين درجة» [٢٣]. وكان يدعوهم إلى تعميق العلاقات مع المخالفين، ومشاركتهم في آمالهم وآلامهم، حيث يقول: «كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شيناً، صلوا عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم» [٢٤]. وقال: «أوصيكم بتقوى الله عزّوجلّ والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة … صلوا عشائرهم وأشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور وقيل هذا أدب جعفر». وكانت علاقاته مع أئمة المذاهب قائمة على المحبة والمودة والاحترام المتبادل، وفي ذلك قال مالك بن أنس: «كنت أدخل إلى الصادق جعفر بن محمد، فيقدم لي مخده، ويعرف لي قدرا، ويقول: يا مالك أني أحبك، فكنت اسر بذلك وأحمد الله عليه» [٢٥]. وعلاقاته مع أبي حنيفة وسفيان الثوري علاقات متينة قائمة على أساس التعاون والتآزر من أجل تحقيق الأهداف المشتركة العليا، ولم يحدث تنافر ولا تباعد بين اتباعهما، وكانوا جميعاً متوجهين نحو الآفاق العليا تتقدم خطاهم مصلحة الإسلام. ومن أجل إنهاء مظاهر الاضطراب الفكري والبلبلة العقائدية وقف الامام موقفا حازما تجاه الغلاة فحاربهم ولعنهم [٢٦]. وكان ينهى أنصاره عن توسيع دائرة الخروج المسلح على النظام، ويجعله محصورا بفئة معينة لإدامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولإيقاف انحراف (٢٠٧) الحكام بهذه الحدود وضمن المصلحة الإسلاميّة العليا، ولا يدعو إلى تكثيف الجهاد المسلح لأنه قد يخرج عن حدود المصالح العليا. قال - عليه السلام - : «كفوا السنتكم والزموا بيوتكم، فإنه لا يصيبكم أمر تخصون به أبداً ولا تزال الزيدية لكم وقاء أبداً» [٢٧]. وكان ينصح الحكام بما هو صالح لخدمة المصلحة العامة، وكان لا ينظر إلى شخص الحاكم، فليس المهم أن يحكم فلأن أو فلان أو الإمام، ولكن المهم تطبيق المفاهيم والقيم الإسلاميّة في الواقع، فكان يقول للحاكم العباسي المنصور: «نحن لك أنصار وأعوان ولملكك دعائم وأركان، ما أمرت بالمعروف والإحسان، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن، وأرغمت بطاعتك انف الشيطان» [٢٨]. ومن حرض الإمام على سلامة أرواح المسلمين وأن كانوا مخالفين للإمام أو معادين له، سأله محمد بن قيس: عن الفئتين من أهل الباطل أبيعهما السلاح، فقال: بعهما ما يمكنهما: الدرع والخفتان والبيضة ونحو ذلك» [٢٩]. من سيرة الإمامين: موسى الكاظم وعلي الرضا - عليهم السلام - على الرغم من ظروف الإرهاب التي أحاطت بالإمام موسى الكاظم - عليه السلام - من ملاحقة ومضايقة وسجن وتهديد بالقتل، إلاّ أن الإمام كان ينطلق على ضوء المصلحة الإسلاميّة، لم ينقطع عن الأحداث وعن المواقف الوحدوية، كالعبادات التي تؤدى جماعة، فكان يتهيأ للمشاركة في صلاة الجمعة منذ يوم الخميس، وفي رواية كان يقول لأصحابه: «أنكم تتسابقون إلى الجنة على قدر سبقكم إلى الجمعة» [٣٠]. وكان الإمام علي الرضا - عليه السلام - كثير النصح للحاكم العباسي المأمون بما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، فقد صدرت منه توجيهات قيمة في كيفية إدارة البلدان المفتوحة (٣١) وبما ينسجم مع المصلحة الإسلاميّة العليا، وللحيلولة دون حدوث تصدع في الجبهة الداخلية. (٢٠٨) ومما قاله للمأمون: «اتق الله في أمة محمد، وما ولاك من هذا الأمر ونصبك به، فانك قد ضيعت أمور المسلمين، وفوضت ذلك إلى غيرك» (٣٢). ومن أجل المحافظة على وحدة الدولة الإسلاميّة ومنعها من التفكك والتصدع بفتن داخلية نابعة من حب التسلط وحب الزعامة، كان ينصح المأمون ويرشده إلى اتخاذ الموقف المناسب تجاه الأحداث والأشخاص، فقد أخبره بأن هنالك مؤامرة لقتله تدبر له في الخفاء، بعد أن اطلّع الإمام على تفاصيلها، وحينما قام المأمون بقتل الفضل بن سهل حدثت اضطرابات، فسعى الإمام إلى تهدئتها وارجع الغاضبين الذين تجمعوا أمام دار المأمون. التفاوت بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، والدعوة إلى جعل المصلحة الإسلاميّة العليا ووحدة المسلمين هي الحاكمة على الأفكار والعواطف والممارسات، وكانوا يوجهون أنصارهم نحو الآفاق العليا المشتركة والتعالي على الأطر الضيقة، والتعامل مع الفواصل في حدودها الجزئية، التي لا تمنع من اللقاء والاجتماع، وقد شهد لهم القاصي والداني بالإخلاص والنصيحة للدين وللدولة وللمسلمين. ١ - كشف الغمة: ١٧٠. ٢ - انساب الاشراف ٣ - ٤٣. ٣ - الفتوح ٤: ٢٩٣. ٤ - بحار الأنوار ١٠ - ١٠١. ٥ - شرح نهج البلاغة ١٦ - ١٥. ٦ - شرح نهج البلاغة ١٦ - ١٩٥. ٧ - الكامل في التاريخ ٣: ٤٠٩. ٨ - العقد الفريد: ١ - ١٨١. ٩ - انساب الاشراف ٣ - ١٥٣. ١٠ - مختصر تاريخ دمشق ٧ - ١٣٧. ١١ - الأحكام السلطانية: ٦ روضة الطالبين ٧ - ٢٦٢ مآثر الأناقة في معالم الخلافة ١ - ٣٩ مغني المحتاج ٤ - ١٣٠، نظرية الإسلام وهديه: ٥٧، الإسلام وأوضاعنا السياسية: ١٤٦. ١٢ - المنتظم ٥ - ٣٤٣، البداية والنهاية ٨ - ١٩٢، شذرات الذهب ١: ٦٩. ١٣ - بحار الأنوار ٤٤ - ٣٣٠. ١٤ - مختصر تاريخ دمشق ١٧ - ٢٣٠. ١٥ - سير أعلام النبلاء ٤ - ٣٩٧. ١٦ - الكافي ٢ - ٢٣٤. ١٧ - أعيان الشيعة ١ - ٦٥٣. ١٨ - شرح نهج البلاغة ٨ - ١٢١. ١٩ - مختصر تاريخ دمشق ٢٣ - ٨٣. ٢٠ - الخصال ١ - ١٠٤. ٢١ - مختصر تاريخ دمشق ٢٣ - ٧٧. ٢٢ - الهداية: ١٠. (٢١٠) ٢٣ - المحجة البيضاء ١ - ٣٤٣. ٢٤ - الكافي ٢ - ٢١٩. ٢٥ - بحار الأنوار ٤٧ - ١٦. ٢٦ - مناقب آل أبي طالب ٤ - ٢٣٩. ٢٧ - الكافي ٢ - ٢٢٥. ٢٨ - بحار الأنوار ١٠ - ٢١٨. ٢٩ - تحف العقول: ٢٧٩. ٣٠ - الشافي ٢ - ١٩. ٣١ - عيون أخبار الرضا ٢ - ١٦٠. ٣٢ - بحار الأنوار ٤٩ - ٨٤.
|
مقالات أخرى من هذا الكاتب |
• اتفاق المسلمين على صيانة القرآن من التحريف
(بازدید: 820)
(موضوع: قرآن)
|
مقالات أخرى من هذا الموضوع |
• كلمة لابدّ منها
(بازدید: 1040)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• العالم الاسلامي و أسئلة النهضة
(بازدید: 989)
(نویسنده: عبد الله القمي)
• سبيل اخراج الامة
(بازدید: 725)
(نویسنده: محسن عبد الحميد)
• قيم التضامن و التكافل في التراث العربي و الإسلامي و أبعادها الإنسانية
(بازدید: 1162)
(نویسنده: محمد قجة)
• أفكار حول التقريب و الوحدة
(بازدید: 1243)
(نویسنده: محمد علي التسخيري)
• أهل البيت المرجع بعد الرسول - صلى الله عليه و آله -
(بازدید: 811)
(نویسنده: الشيخ جعفر السبحاني)
• الصراع الإسلامي - الصهيوني أحد محاور الوحدة الإسلاميّة \ بقلم التحرير
(بازدید: 1023)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• المذاهب الإسلاميّة الخمسة: تاريخ وتوثيق
(بازدید: 2039)
(نویسنده: نبيل علي صالح)
• الوحدة الدينية الخاتمة
(بازدید: 1045)
(نویسنده: السيد محمّد باقر الحكيم)
• دعاة تقريب نعم
(بازدید: 823)
(نویسنده: علي المؤمن)
• الحب و التقريب
(بازدید: 921)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• السنن الحَسنة
(بازدید: 907)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• أمة إسلامية واحدة
(بازدید: 839)
(نویسنده: الدكتور محمود حمدى زقزوق)
• تجربة التقريب بين المذاهب الإسلاميّة
(بازدید: 905)
(نویسنده: فهمي هويدي)
• تكريم روّاد التقريب
(بازدید: 875)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• دور العصبيات في إضعاف الكيان الاسلامي
(بازدید: 1250)
(نویسنده: عبد الكريم آل نجف)
• رأي في التقريب
(بازدید: 852)
(نویسنده: الشيخ عبدالله العلايلي)
• علاج الحواجز النفسية للتقريب بين المذاهب الاسلامية عند الشهيد الصدر
(بازدید: 1028)
(نویسنده: الشيخ محمد رضا النعماني)
• فرصة عظيمة و لكنها مهددة
(بازدید: 918)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
• اخبار التقريب
(بازدید: 950)
(نویسنده: محمّد علي آذرشب)
|